عينُ الفتوى
إنها الظهيرة، لصيفٍ عراقيّ حارق
مع قلوبٍ تتفوّق على حرارتها، تكاد تَميَّزُ تَلَظٍّ
إنها شرور ألف وأربع مئة سنة سارية صَوبنا... عرض المزيدعينُ الفتوى
إنها الظهيرة، لصيفٍ عراقيّ حارق
مع قلوبٍ تتفوّق على حرارتها، تكاد تَميَّزُ تَلَظٍّ
إنها شرور ألف وأربع مئة سنة سارية صَوبنا
يعني الكثير.. يعني لا تُبقوا لأهل هذا البلد باقية
يعني: إحرقوا الخيام على رؤوس النساء واقتادوهن سبايا، تحدوهن أسِنّة تُرفع عليها رؤوس رجالهن..
بل.. تعني: لا عذراء
لا مقدّس، لا فضيلة، لا غَبراء
أَضحينا نحتَفِر حتى الجدران، الحَجر والمَدر، بحثاً عن قطرات ماءٍ تُطفئ ذلك اللظى..
نعم.. قد امتلأنا من تحليلات السياسة، وشُقّت آذاننا من تلك الأصوات المُزمجرة بالخلاص، ولا خلاص.. أرهَقَنا النظرُ الى العضلات المفتولة لنَجدتنا، إلا إنّها عضلاتٌ إسفنجيّة!
لقد يئسنا كما يئس الكفّار من أصحابِ القبور..
دَخَلنا في سكون الموت، نُعين نبضنا على التباطؤ!..
إلى أن سمعنا صوتاً ابتدأ كما تبتدئُ عين الماء أول تفجّرها، يَليهِ:
"إن طبيعة المخاطر المُحدِقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه، وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي"..
يا إلهي.. أخذنا نلتفتُ يَمنة ويَسرة، نبتغي معرفة جهة الصدور لهذا الصوت..
إلتفِتوا.. إنه من هنا..
من أين؟
من تلك الناحية التي قيل إنها ساكتة.. من تلك التي يُقال إنها لا تفقه سوى أحكام الطهارة!
إي والله، نِعمَ السكوت الذي يكون في أوانه، ثم يُبَعثَر ويَحِلّ محلّه كلامٌ كهذا..
نِعمَ الفقه المُطهِّر لأكبر نجاسةٍ خَبَثيّة نالت الأرض.
إنها أول معركةٍ يتحقق فيها النصر قبل القتال..
خَبا سعيرنا، إرتوينا ريّاً رَويّاً من عين فتوى الرابع عشر من شهر شعبان، التي تدفّقَت من عينِ حياة الخامس عشر منه.
#زهراء_حسام.
لقد أطال هذا الرجل المسنّ وقوفهُ ها هنا، السبعيني الوحيد بين زحمة الشباب...
تمتد يمناه المُتغضّنة ليتفحص هذه البساطيل بعناية، يأخذ هذا ويردّ ذاك...
يُدني عقاله المائل قليلاً إلىٰ منتصف رأسه، كأنه وأخي... عرض المزيدلقد أطال هذا الرجل المسنّ وقوفهُ ها هنا، السبعيني الوحيد بين زحمة الشباب...
تمتد يمناه المُتغضّنة ليتفحص هذه البساطيل بعناية، يأخذ هذا ويردّ ذاك...
يُدني عقاله المائل قليلاً إلىٰ منتصف رأسه، كأنه وأخيراً أعجبَه.
يسألني: بوية ماشوفن عدِل هذا شگد الرقم خافنّه موش رقمي وانوب ما أمشي عدل!
تبسّمت، وسألته: ليش حجي شتسوي بيه؟!
_ ها! صدگ تحچي بوية، چا مو السيّد انطا فتوى!
_ حجي أنتِ رجال چبير.
_ هي الفتوىٰ للكبار، وهسة أنت صغير من تطوّع راح تصير چبير وگول ما گلي حجي ناصر!
أخبرته بقياس البسطال وانتعله، نتر الشريط المعلّق، تقدّم خطوة، وقف مزهوّاً، رتّب عقاله مجدداً، قدّم ذؤابَتَي يشماغه الىٰ أمام منكَبَيه، التفت إليّ مبتسماً، ناولني الثمن وأدار ظهره راجلاً الىٰ نهاية الشارع...
كما في الأساطير تماماً، كأنه تأزّر ببزّة خارقة واستعد لولوج ثقبٍ نوراني يحيله الىٰ زمانٍ ومكانٍ آخرَين...
أين تلك الخطوات المتهادية المرتعشة وذاك الظهر المتقوّس، ماذا أرىٰ الآن؟ استقامة النخيل ونضرة الفِتاء.
استقلّ الحافلة المكتظّة بالرجال، الصاخبة بالأهازيج، ردد معهم:
«السيّد زامط واحنا على زماطه»
وغادرت الحافلة.
_ #زهراء_حسام.
page=1&year=&month=&hashtagsearch=%D8%B2%D9%87%D8%B1%D8%A7%D8%A1_%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D9%85
تحميل المزيد