ترامب وسياسة العداء للمنظمات الدولية ...
تنظر الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة ومنظماتها بأنها تعرقل مصالحها وتكبح سياساتها، وتستنزف مواردها، بل وتذهب إلى حد اتهام أعدائها وخصومها من الدول بإستخدام... عرض المزيدترامب وسياسة العداء للمنظمات الدولية ...
تنظر الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة ومنظماتها بأنها تعرقل مصالحها وتكبح سياساتها، وتستنزف مواردها، بل وتذهب إلى حد اتهام أعدائها وخصومها من الدول بإستخدام المنظمات الدولية لتعزيز قوتهم والتضييق على قدراتها في التمدد والتوسع والهيمنة.
لذلك عمدت منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض عام 2017 إلى اتخاذ سلسلة من القرارات ضد المنظمات الدولية والاتفاقيات التي كانت قد أبرمت في عهود إدارات أمريكية سابقة.
وتحت شعار «أمريكا أولاً» الذي رفعه خلال حملاته الانتخابية، عمد ترامب إلى تنفيذ ما كان قد تعهد به؛ لأنه يرى أن كل ما لا يصب في مصلحة شعاره يجب التخلص منه، طالما أن الولايات المتحدة لا تجني منه ما يحقق مصالحها المطلقة، بغض النظر عما إذا كان ذلك يتلاءم مع القانون الدولي، أو يهدد الأمن والسلم الدوليين، أو يسيء إلى علاقات الولايات المتحدة مع دول العالم.
قرار ترامب الأخير بتجميد تمويل منظمة الصحة العالمية، بمبلغ يتراوح بين 400 و 500 مليون دولار، والذي أثار موجة عارمة من الاستنكار، هو في الواقع جزء من سلوك سياسي عام ضد كل منظمة دولية تخرج على الطاعة الأمريكية، أو لا تلبي السياسات والمصالح الأمريكية.
إن اتهام منظمة الصحة العالمية «بالتقصير والإخفاق في واجبها واستجابتها لمواجهة فيروس كورونا»، أو اتهامها بالتحيز للصين، هي اتهامات أقرب إلى التحامل وينقصها الدليل العلمي، فيما المنظمة تتصدى للوباء بكل فاعلية وتقوم بالتنسيق والاستجابة العالمية مع معظم دول العالم المتواجدة فيها.
هذا الموقف المعادي لمنظمة الصحة، كانت الولايات المتحدة اتخذته، عندما انسحبت من منظمة اليونيسكو في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، وبزعم اتهامها بالتحيز ضد «إسرائيل»، لأنها اتخذت قرارات تنسجم مع القانون الدولي والشرعية الدولية في ما يخص عمليات الضم والتهويد والاستيطان في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلة، وفعلت الشيء نفسه بانسحابها من اللجنة الدولية لحقوق الإنسان لأنها اتخذت قرارات ضد «إسرائيل»، وهو أمر تراه الولايات المتحدة يتعارض مع سياساتها المؤيدة للاحتلال «الإسرائيلي» ويتناقض مع عدائها للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، والذي تمثل في قرار وقف دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الضفة والقطاع ومخيمات اللجوء في الأردن وسوريا ولبنان، ووقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية.
وبسبب العداء للمنظمات والاتفاقيات الدولية فقد قررت الولايات المتحدة الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ في يونيو/ حزيران 2017 لأن ترامب لا يرى من موجب لمثل هذه الاتفاقية ؛ لأنه يرفض في الأساس مسألة الربط بين الاحترار الكوني والكربون الناتج عن احتراق الفحم الحجري. وفعل الشيء نفسه بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة بين دول أمريكا الشمالية (نافتا).
إن مثل هذه السياسات تشل العمل الدولي، وتكبح أي عمل مشترك لتحقيق العدالة والأمن والسلام.