ج3تكملة تفسير........3- سعةمعنى النفاق :النفاق في مفهومه الخاص صفةاولئك الذين يظهرون الاسلام .ويبطنون الكفر لكن النفاق له معنى عام واسع يشمل كل ازدواجية بين الظاهر والباطن و كل افتراق بين القول و الع... عرض المزيدج3تكملة تفسير........3- سعةمعنى النفاق :النفاق في مفهومه الخاص صفةاولئك الذين يظهرون الاسلام .ويبطنون الكفر لكن النفاق له معنى عام واسع يشمل كل ازدواجية بين الظاهر والباطن و كل افتراق بين القول و العمل. من هنا قد يوجد في قلب المؤمن بعض ما نسميه «خيوط النفاق».
ففي الحديث النّبوي: «ثلاث من كنّ فيه كان منافقا و إن صام و صلّی و زعم أنّه مسلم: من إذا ائتمن خان، و إذا حدّث كذب، و إذا وعد أخلف»٢.
الحديث لا يدور هنا طبعا عن المنافق بالمعنی الخاص، بل عن الذي في قلبه خيوط من النفاق، تظهر علی سلوكه بأشكال مختلفة، و خاصة بشكل رياء، كما
جاء في الحديث عن الإمام الصادق عليه السّلام: «الرّياء شجرة لا تثمر إلّا الشّرك الخفيّ، و أصلها النّفاق»٣.
و في نهج البلاغة نصّ رائع في وصف المنافقين عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام يقول فيه: «أوصيكم عباد اللّه بتقوی اللّه، و أحذّركم أهل النّفاق، فإنّهم الضّالّون المضلّون، و الزّالّون المزلّون، يتلوّنون ألوانا، و يفتنّون افتنانا، و يعمدونكم بكلّ عماد، و يرصدونكم بكلّ مرصاد، قلوبهم دويّة٤ و صفاحهم نقيّة. يمشون الخفاء٥، و يدبّون الضراء وصفهم دواء، و قولهم شفاء، و فعلهم الدّاء العياء٦، حسدة الرّخاء٧، و مؤكّدو البلاء، و مقنطو الرّجاء، لهم بكلّ طريق صريع٨ و إلی كلّ قلب شفيع، و إلی كلّ شجو دموع٩ يتقارضون الثّناء١٠ و يتراقبون الجزاء: إن سألوا الحفوا١١، و إن عذلوا كشفوا ...».
٤- مؤامرة المنافقين:
المنافقون يشكّلون أخطر تجمع معارض، لا علی الإسلام فحسب، بل علی كلّ رسالة ثورية تقدمية، حيث ينفذون بين صفوف المسلمين، و يستغلّون كل فرصة للتآمر.
يتحدّث القرآن عن تآمر هؤلاء في صدر الإسلام و يذكر نماذج من أعمالهم. يذكر مثلا استهانة هؤلاء بشخصية المؤمنين، و بما يقدمه المؤمنون علی قدر طاقتهم من صدقات فيقول: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّـهُ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ١٢.
و يتخذون أحيانا في اجتماعاتهم السريّة قرارات بشأن قطع مساعدتهم المالية لأصحاب رسول اللّه صلّی اللّه عليه و اله و سلّم، كي يتفرقوا عن الرسالة و الرّسول: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلی مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّـهِ حَتَّی يَنْفَضُّوا، وَ لِلَّـهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ١٣.
كما يتخذون القرارات بإخراج المؤمنين من المدينة بعد انتهاء الحرب و العودة إلی المدينة: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَی الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ١٤.
و كانوا يتخلفون عن الجهاد بمبررات مختلفة من قبيل الانشغال بالحصاد مثلا، و يتركون الرّسول في ساعات الشدّة. و هم مع ذلك خائفين من انفضاح أمرهم و انكشاف سرّهم.
بسبب هذه المواقف العدائية التآمرية ركز القرآن علی التنديد بالمنافقين في مواضع عديدة، و احتوت سورة المنافقين عرضا مفصّلا لوضعهم. كما تضمنت سورة التوبة و الحشر و سور اخری حملات شديدة علی المنافقين، و تحدثت ثلاث عشرة آية من سورة البقرة عن صفاتهم و عواقب مكرهم.
٥- خداع الضمير:
المنافقون يشكلون مشكلة كبری للمسلمين، ذلك لأن المسلمين مكلفون- من جهة- باحتضان كلّ من يظهر الإسلام و بالامتناع عن تفتيش عقائد الأفراد، و مسئولون- من جهة اخری- عن الحذر من مؤامرات المنافقين و تحركاتهم المشبوهة التي يستهدفون منها الوقوف بوجه الرسالة، و إن اتخذت هذه التحركات صفة إسلامية ظاهرية.
المنافقون يظنون أنهم بعملهم هذا يستطيعون أن يخدعوا المسلمين و يمرروا عليهم مؤامراتهم، بينما هؤلاء يخدعون أنفسهم.
التعبير القرآني يُخادِعُونَ اللَّـهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا يوضّح مفهوما دقيقا، فكلمة يخادعون تعني الخداع المشترك من الطرفين، و تبين أن هؤلاء المنافقين كانوا يعتقدون- لعمی بصيرتهم- أنّ النّبي خدّاع توسّل بالدين و النبوّة و جمع حوله السذّج من النّاس ليكون له حكم و سلطان، و من هنا راح المنافقين يتوسلون بخدعة لمقابلة خدعة النّبي! فالتعبير القرآني المذكور يوضّح إذن لجوء المنافقين إلی الخدعة، و يبين كذلك نظرة هؤلاء الخاطئة إلی النّبي الأعظم صلّی اللّه عليه و اله و سلّم.
ثم تردّ الآية الكريمة علی هؤلاء و تقول: وَ ما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ، فالفعل «يخدعون» يوضّح أنّ الخداع من جانب المنافقين فقط، و تؤكد الآية أيضا أنهم يخدعون أنفسهم دون أن يشعروا، لأنهم يبددون. بأفعالهم هذه طاقاتهم العظيمة علی طريق الانحراف، و يحرمون أنفسهم من السعادة التي رسم اللّه طريقها لهم، و يغادرون الدنيا و هم صفر اليدين من كل خير، مثقلون بأنواع الذنوب و الآثام.
لا يمكن لأحد أن يخدع اللّه طبعا لأنه سبحانه عالم بالجهر و ما يخفی، و تعبير «يخادعون اللّه» إمّا أن يكون المقصود به يخادعون الرّسول و ال