ذكرى فتوى الجهاد التي أحيت النفوسقصة قصيرة (على عتبة جريح) وقف يلتقط أنفاسه المتعبة، يستند بكل ثقله إلى جدار منزل بسيط ثم حط الكيس الذي أثقل ظهره على عتبة الدار وجلس ملتصقا به، يمسح العرق الذي بات يزداد غزارة وهو يفكر ماذا سيقول فلا توجد سابق معرفة ولكنه سمع أن هذه العائلة معيلها مقاتل جريح، غير أن حركة اتكاءه على الباب آثارت صوتا أشبه بالطرق وجاء الصوت حادا "من بالباب؟"، لم يشعر مرتضى الا وهو يقف كتلميذ بين يدي استاذ لا يدري ما يقول؛ فقد سمع عن حيدر الكثير الكثير بطل عركته الحروب حاولت طيلة سنوات الجهاد الكفائي أن تنال منه فلم تفلح. مازال حيدر شامخا حتى مع إصابة جسده وتناثر لحمه وفقد بصره؛ مازال يتحسس بيده صورة المرجع المعلقة على جدار غرفته ليشعر أن الأمور بخير..تحدث مرتضى خجلا مقدما اعتذاره قبل كيسه فقد تقطعت الطرق بسبب الحظر ولم يكن بالهين الوصول سيرا مع حمل اكبر من المواد الغذائية فيما ظل حيدر يصنت مستغربا! متسائلا بحرص؟ كيف تخرج في هكذا ظروف إذا كنت لا تخاف الوباء تذكر أطفالك عائلتك فحفظ النفس واجب ووو.. لم يسكت مرتضى طويلا ليجيب بعبرة متكسرة: " اي والله ان لي طفلا لم يبلغ العامين مازال يحاول لفظ اسمي فلا يفلح وكنت اشمه فترتد إلى روحي سكينتها، الا اني بدأت اتحرز من الاقتراب منه هذه الأيام حرصا على سلامته فأنا اخرج كثيرا مع المتطوعين لإيصال المؤنة لمن تقطعت بهم السبل"..يجلس حيدر أرضا يشعر ببعض الذنب فيما يقترب مرتضى هامسا له " ولو كنت في الصين لذهبت إليك فان الذي أخرجك بالأمس اخرجني اليوم"يحتار حيدر في أمره ثم يقول" ماذا يحدث فأنا كما تعرف أعمى هل فاتني الكثير؟"فيتكلم مرتضى:" هل تذكر يا حيدر قبل خمس سنوات في أيام كهذه كيف انطلقت الفتوى وكنت انت ومئات الآلاف تتسابقون لتلبيتها وتعتلون الشاحنات فيما بقيت انا والطلاب أمثالي ننظر بعين الحسرة عن اللحاق بكم، إذا كنت قد نسيت فأنا لا أنسى كيف انقلبت الأمور بسبب الفتوى واستجابتكم من الخوف والانكسار إلى ذلك المهرجان العقائدي وهو يزفكم إلى سواتر القتال أما كان لكم أطفال وعوائل حينذاك؟ اليوم انطلقت فتوى التكافل تهيب بالشباب والتجار والمواكب أن تبذل بعض ما بذلتموه".فتسائل حيدر" المواكب الشباب هل هناك حملات لهذا الأمر؟ " وأخذ يردد" الله يبشرك بالخير، الله يبشرك بالخير" مرتضى يقف حائرا من تفاعل حيدر لكنه يفهم اخيرا حين علا صوت حيدر فرحا :" الله أكبر، الله أكبر مرجعية تحفظ الحرمات وتنقذ الناس من الحاجة وتستنهض من كل جيل خيرته ومن كل نفس ما ينميها"يستمر حيدر وصوته يعلو كأذان " اشهد انه لم يكن في بيتي خبزا، أيها الناس هلموا إلى ما يحييكم ولا اقصد بالخبز بل بالحياة.. أيها الناس تنفسوا العز فقد مر علينا ليل طويل.. أيها الناس احفظوها فإنها صلتكم إلى ابن الزهراء"..حيدر يستمر وكأن الحماس افقده صوابه لعله ظن أنه على أعتاب ساتر للقتال في حين انسحب مرتضى بكل هدوء مبتعدا يسترق النظر بين فينة واخرى لحيدر وقد فاضت عيناهما شكرا لله..
في ألبوم: صور يوميات ناي السواتر
القياس:
1000 x 1000
حجم الملف:
167.06 Kb