نصف ساعة كانت كافية لـ«الحجي الكبير» لحل مشكلة التنظيم من خلال توزيع القوات على محاور تقدم محددة وإسناد مهام محددة لكل منها. رداً على شكوى الإمكانات، قال بشكل حازم: إن لم تقاتلوا اليوم بهذه الإمكانات القليلة التي تشكون منها، فإنكم ستقاتلون غداً في منطقة خلفية بإمكانات أقل وبروح معنوية أسوأ، ولن تتمكنوا من تحقيق الإنجازات المطلوبة. جال بنظراته الواثقة في أوجه الحاضرين مردفاً بعربية ثقيلة: أنتم اليوم، بإمكاناتكم المتواضعة، لكن بروحيتكم الجهادية ومعنوياتكم المرتفعة وتلبيتكم المتوثبة سرعان ما ستكتشفون أن النصر حليفكم. بعضكم سينتصر بالشهادة، وإن شاء اللّه نكون نحن منهم، البعض الآخر سينتصر بفك الحصار عن سامراء.في الغداة انطلقت القوات نحو مغامرتها، عديدها بالمئات، وعتادها أسلحة خفيفة في الغالب، وبعض الأسلحة المتوسطة، مشفوعة ببعض الهامرات ودبابتين من نوع أبرامز. قريباً من منطقة الإسحاقي، في منتصف الطريق إلى سامراء، تعرقل التقدم البطيء أصلاً، ثم ما لبث أن جمد إثر التعرض لرمايات من جهة العدو. عقد الحاج قاسم اجتماع عمليات ميداني، وتحدث مع الجمع باطمئنان استغربه الحاضرون الذين كانوا مأخوذين بالرعب الداعشي. قال لهم: هذه هي النقطة التي سينكسر فيها داعش؛ إذا ثبتم وحررتموها ستكون الطريق مفتوحة إلى سامراء. لم يُطل الكلام: «سنواصل التقدم»، ختم ثم صعد في سيارة دفع رباعي طالباً من السائق التحرك قدماً. ليست الأوامر العسكرية، ولا الإنضباط التنظيمي كانا ما حركا القوات خلفه على تردد. وحده الخجل من شجاعته، والشعور بالذنب من احتمال تعرضه لمكروه، دفعا نحو خمس عشرة آلية للحاق به متقدماً غير آبه برمايات أصاب بعضها سيارته. في غضون دقائق، تجاوز الرتل المتقدم منطقة التماس، فإذا بالقوات المتبقية تنتابها الحماسة وتندفع خلف موكب الحاج وتلتحق به. مع الوصول إلى سامراء كان الرتل ممتداً كيلومترات على الطريق؛ ينظر الحاج قاسم إليه وسط سعادة غامرة اعترت الجميع بالإنتصار المتحقق ويعلق ممازحاً: ما شاء الله، كنا في البداية نتوسل القوات، والآن بفضل الله القوات كلها وراءنا.
في ألبوم: صور يوميات زهرة النرجس
القياس:
538 x 660
حجم الملف:
82.9 Kb