جوهر ال سنمار
في شباط 4, 2021
107 المشاهدات
١٩٨٢.....
عندما كان المطر ينهمر لم يجد عبد عليوي الملتحق الى وحدته العسكرية في حدود العماره. والتي كانت على تماس مع الجبهه واصوات المدافع والقذائف تصم الاذان فيها لم يجد مكانا في گراج الحله البائس يلتجى اليه من هطول المطر سوى محل بيع الفلافل الذي كان يعمل فيه عمال مصريين جلس واخرج سيكاره ودخنها بشراهه ونظر طويلا الى المطر وهو يتذكر ايام صباه وشبابه واللعب بين بساتين نخيل الهاشمية والحله الرائعه وكيف كان موسم جني التمور ( گص النخل) وبيعها. والعمل في بساتين النخل الكثيف في
السنين الغابره
هناك تعرف عبد عليوي على رفيقة حياته ومرت الايام امام عينية كأنها شريط صور متلاحقة لم يقطعها سوى صوت العامل المصري
( ايه يا عم يا عسكري انته تاكل ولا تشرب شاي؟؟)
انتبه عبد عليوي من تأملاته واجاب العامل المصري وهو يبتسم )
( شاي يا معلم)
واكمل شرب الشاي وبعد ان توقف المطر صعد الى الحافلة. التي تنقله الى العماره ..
اصغى الى كل شكاوي وانين الجنود الجالسين بقربه في مؤخرة الحافله وتذمرهم من هذه الحرب وبعضهم يحذر الاخر ( دير بالك اخاف واحد استخبارات ويانه)
حتى قطع السائق نزاع القوم وشغل لهم كاسيت اغاني في مسجل السياره وبعضهم اخذه الطرب واندمج مع الاغاني لانه يأس من الحياة في تلك الحرب الطاحنه..
كان عبد عليوي موظفا في البريد وقد خدم خدمته العسكرية في شمال البلاد ايام السبعينات وجرح في حرب الجبال مع البرزانيين الاكراد .
لكن هذا لم يشفع له فقد تم استدعائه لخدمة الاحتياط مثله مثل كبار السن في هذا البلد لدعم حرب طاحنه لاجدوى منها..
يحمل معه صوره صغيره اخذت بالكاميرا الفوريه لزوجته واولاده ينظر اليها كلما اشتاق اليهم ..وكلما سقطت قذيفة او انفجرة قنبله قربه ..
وقد سأم عبد من توديع جثث رفاقه الذين اخذتهم الحرب..
واخذ يفكر بان يترك الجيش ويلجأ الى تلك البساتين الكثيفه بعيدا عن اعين السلطات وقرر انه اذا منح الاجازه القادمه لن يعود بعدها..
وبعد ايام استعرت المعركة على الحدود الملتهبه وفي اليوم الثالث استعمل الجيش السلاح الكيمياوي. وشأء القدر ان تتغير اتجاه الريح وتحمل الغاز القاتل الى عبد عليوي ورفاقه من قاطع الجيش الشعبي ففارق الحياة منهم ٤٠٠ شخص بسلاح ارادوه لقهر العدو ..
ولم يبقى في جيب عبد عليوي سوى مسبحه وصوره عائلية و ورقة نموذج الاجازه السابقة التي كان قد حفظها لكي يحصل على اجازة اخرى حسب التاريخ المثبت فيها و يذهب ولا يعود..
لكن غاز الاعصاب عجل بذهابه .
ومثله عشرات الالاف ذهبوا بلا فائده من قتالهم سوى ارضاء لطاغية متوحش قبض عليه في حفرة بائسه...
القياس: 525 x 310
حجم الملف: 25.62 Kb
أعجبني (1)
جارٍ التحميل...
1