غايتنا مهدوية
في شباط 13, 2021
30 المشاهدات
رواية لحظات عشق - عبد الرزاق الحجامي - الفصل الثالث - فقدان هدى -الجزء الاول
لا اعلم كيف أصف حالتي وخفقان قلبي يوم طرق سمعي حبر هز
كياني كله ! واحدث صدمة كبرى فيه...
اجل، جملة قالها صديقي محسن بكل صراحة، ودون أي مراعاة
لشعوري، ولا أي مداراة لإحساسات والد تجاه بنته الوحيدة. قالها
مضطربا بلسان متلكأ وقد طغت على وجهه آثار عجيبة تدل على
حدوث أمر ما نعم، هناك أمر ما يريد النطق به !
كان مترددا كثيرا بالتفوه به، ولكنه وبعد صراع مع نفسه تجرأ
عليه، وأباح بما في سريرته، فقال:
ـ احمد: اما علمت ان ابنتك فد فقدت من بين احضان امها؟
تركتها تصرخ وقد اجتمع الناس حولها، تنادي وما من مجيب،
وتطلب العون وما من معين.
آه، ليت السماء أطبقت على الأرض، قد حدث الذي كنث أخافه
ووقع الفأس على الرأس، إذ كنت قد تسلمت رسالة قبلها تهددني
بخطف ابتي وقتلها، وقد فعلوا ما قالوا.
حاولت تلقي الخبر دون فقد التوازن والسيطرة على النفس،
فجلست على الأرض قليلا لعل الصدمة يخف وقعها، ويقل اضطراب
عقلي وفكري من اثرها.
انطلقنا إلى موقع الحادث، وحين وصولنا لم اجد شيئا يدل على
حدوث امر فيه، وقد عاد الناس كل إلى عمله، وانشغل كل في دنياه
اتصلت بوالدة هدى ولكتها لا تجيب، فغادرت الموقع متوجها إلى
المنزل، وعند الاقتراب منه سمعت الصياح والبكاء قد عم الأرجاء،
وراحت النساء تدحل المنزل حنى امتلأ ولم يبق مجالا للدخول فيه حتى لصاحبه
بصعوبة بالغة انفردت بها في الغرفة، وكان الأشق من ذلك تهدئتها
والتكلم معها، إذ كانت مع كل كلمة تنطقها تحرقها العبرة، وتسيل
منها الدمعة، فلا تتمكن من الاستمرار في الحديث معي. حاولت معها
مرة وأحرى حتى تمكنت من استنطاقها، وعلمت منها ما اردت علمه
لأبدا رحلتي في البحث عن ثمرة فؤادي وثلمة قلبي هدى...
مرت الأيام الأولى بقساوة بالغة، إذ كانت لياليها موحشة بفراق
هدى، ونهارها متعب مرهق بالبحث عنها، والذي يزيد الطين بلة اني
ما وجدث حتي الأن راس خيط أمسك به، ولا ضوء استنر به
للوصول إلها.
ذات يوم عدت إلى البيت منهكا متعبا، ويبدو اثر الانكسار واضحا
على ملامحي، فأخبرت زوجتي بإني سوف اعود غدا إلى الشركة التي
انقطعت عنها منذ اسبوع، وقلت لها متضجرا،
- لا فائدة من البقاء في البيت أو التجول في شوارع المدينة دون
جدوى. لم اترك طريقا إلا سلكته، ولا سبيلا إلا اتخذته. لقد فقدت
الأمل، ويئست من البحث، بل يئست من نفسي ومن كل شيء.
اجابتي ليلى وقد اصابها اليأس كما اصابني، ولكن ليس بالدرجة
التي لدي، إذ قالت لي:
- أحمد، ماذا تقول؟ حتى من الله؟
اطرقت قليلا ثم قلت لها :
- فد دعوت الله مرات عديدة ولكني لم اجد اي اثر لدعائي. لا
اعلم لماذا هكذا يفعل بي ربي !
- ومتى دعوت الله، وكيف دعوته؟
- الحقيقة أنني لم أدعوه، إلا بعد أن يئست من غيره، وحتى حين
دعوته كان طائر خيالي يذهب إلى فلان وفلان، ويتأمل النجاة منهم.
ماذا أفعل؟ أريد أن أدعوه، بخشوع فلا استطيع. أريد الشعور بأني
اناجي رب عظيم قادر على كل شيء، ولكن فكري سرعان ما تحيط به
تساؤلات وشبهات عن ماهية ذلك الرب وقدرته؟ كيف يسمع الدعاء
في وقت واحد والاف من البشر يطلبوه.؟ كف يمكن ان يكون موجودا
معي في كل مكان ومع غيري في الوقت نفسه؟ وان كان يستطيع نجاة
ابنتي من أيدي الخاطفين فلماذا لا ينجيها؟!
اعرضت ليلى بوجهها عني وهي تقول:
- إنك تدعو مع تصوراتك هذه غير الله، وهو ليس كما تتخيله،
وكيف تامل أن يفتح لك بابه وأنت تطرق باب سواه، وكف ترجو أن
يستجيب لك الدعاء وقلبك متعلق بغيره؟
احدثت كلمات ليلى اثرا في نفسي، فقررت ان ادعو ربي هذه
الليلة بخشوع وخضوع، وأن يكون ذلك في منتصف هذه الليلة.
وجاء منتصف الليل...
في ليلة ظلماء موحشة، يخترق ظلامها بين الحين والأخر ضياء
الصواعق وبريقها، ويقطع هدوء ليلها صوت رعد السماء، وهطول
امطار غزيرة...
استيقظت لأجد ليلى وقد غمرت عينيها الدموع، وعلا صوت
بكائها، وتأن وتنادي بنتها بصوت حزين يتفجر له الصخر، وينشق له
الحجر. اصغيت لها فلم أفهم ما كانت تقوله في خلوتها، ولكني
التقطت بعضا من كلامها إذ كانت تخاطب بنتها وتقول:
- يا هدى، يا نور عيني: اانت نائمة ام مستيقظة؟ الا ترحمين قلب
امك المحترق شوقا إليك؟ إلا تردّيها بجواب يطفئ جمرة فؤادها
الملتهب حزنا عليك؟ ليت الموت يعدمني الحياة ولا يعدمك.
رق قلبي كثيرا لها، وانكسر لشدة انينها، فرفعت يدي وقلت
مخاطبا ريي: يا رب إلا ترحم قلب هذه الأم المسكينة.
تركتها غارقة في بحر احزانها ولم اكلمها، وتوجهت بقصد الوضوء.
والتهيؤ للدعاء والصلاة، أملا في مناجاة ربي بخشوع، ولكن..
ولكن أنى لي ذلك وقد بدأت وساوس الشيطان تراودني، وتدعوني
للعودة إلى فراشي النوم مرة اخرى. أنى لي ذلك وقد تهاجمت سهام
الياس على فكري، وراحت تراودني افكار عجيبة غريبة بشان ربي
الذي عزمت على دعائه وطلب الحاجة منه.
كنت اعلم أن ذلك من عمل الشيطان، وأن هزيمتي بالنسبة له فرح
وسرور، ولكن لم ينفعني ذلك العلم إذ قد حصل ما أراده، وعدت
منكسرا مستسلما. ويبدو ان هذه المرة ايضا لم تنفعني اجواء ظلام
الليل ومطر السماء، واصوات الرعد المرعبة التي تبعث على الخشوع
لذوي القلوب السليمة، لا لقلب قاسي كالذي لدي.
حاولت النهوض والقيام مرة اخرى ولكن هيهات لي ذلك وقد
هيمن النعاس على وجودي كله، فاستسلمت لنوم عميق لم أسيقظ منه
إلا لصلاة الصبح التي اديها ولم اكن راضيا عنها، إذ كانت الافكار
تجرني فها يمينا وشمالا، ولم احس باي طعم لها، ولا بذرة خشوع
فيها
حاولت الجلوس بعد الصلاة للتفكر في حالي، ولأشكو ربي
قساوة قلبي، ولكن حتى هذه الشكوى كانت تخالطها الشكوك
والاوهام، وتكدرها وساوس الشطان التي تقول لي أن ربي لن
لن يستجيب لي طلبي ولن يتوجه لي, وفكري كان يحلق خلال الدعاء
إلى غير مضامينه ومعناه، وطائر الخيال يذهب بي إلى أماكن مجهولة
ليصور لي هدى وهي تعذب تحت أيدي الخاطفين.
#غايتنا_مهدوية
تابعونا على انستغرام
@ghaitna_mahdawyat
تويتر
‏ (‎@ghaitna_mhdwyat): https://twitter.com/ghaitna_mhdwyat?s=09
فيسبوك
https://www.facebook.com/%D8%BA%D8%A7%D9%8A%D8%AA%D9%86%D8%A7-%D9%85%D9%87%D8%AF%D9%88%D9%8A%D8%A9-105369561355879/
عراقييون
https://iraqians.com/pages/261/
تليغرام @ghaitna_mahdawyat
القياس: 1080 x 1080
حجم الملف: 125.05 Kb
كن الشخص الأول المعجب بهذا.