تؤكد الروايات التاريخية في العهد الإسلامي أن الإمام الحسين وهو في طريقه إلى كربلاء وبرفقته أهل بيته وأولاده وأخلص أخلص أصحابه التقى الشاعر همام بن غالب بن صعصعة الشهير باسم الفرزدق، والسبب هو غلاظة وجهه، والأخير عائد من هناك فسأله الإمام الحسين عمَّا سمع من أخبار فقال له: «إن قلوبهم معك وسيوفهم عليك» وتمنى الفرزدق أن يعود الإمام الحسين من حيث أتى، وقال: لقد تم القبض على مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وهو رسول الإمام الحسين، وأعدمه عبيدالله بن زياد بأن قيده وألقاه من فوق واحدة من مآذن مساجد الكوفة.تلك بداية لخيوط مأساة دموية كما يصفها التاريخ العربي الإسلامي، وحين تكون القلوب مع الإمام الحسين في تلك الحقبة من الزمن والسيوف عليه فهذا يعني ان الإنسان العربي المسلم لم ينضج فيه الإيمان بعد بل كان مجرد إنسان أو مخلوق تتلاعب بأفكاره المصالح الذاتية أو يكون مجرد خشبة شطرنج فوق رقعة رملية مترامية الأطراف، ولا يمكن التوفيق بين القلب والسيف أو إحداث التقارب بينهما، والقرآن الكريم فسَّر هذه الظاهرة بالنفاق، وحذَّر خاتم الأنبياء من المنافقين: «استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم». ومثل هؤلاء هم الذين شحذوا سيوف الغدر على حفيده وابن ابنته الوحيدة والفريدة فاطمة الزهراء.لا يمكن أن يُبرر التاريخ العربي الإسلامي قبول (40 ألف سيف) من المخاليق البشرية أن يقفوا في وجه حفيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويمنعوا عنه ماء نهر الفرات أو أي ماء آخر ليقتلوه عطشان لولا النوازع السيكلوجية التي تُجبرهم على الخنوع والاستسلام وتنفيذ أوامر سلطة زائلة في مقابل سلطة إلهية باقية أليس هذا ما منح الباحثين في الغرب والمسيحيين بالذات فرصة التعمق والوصول إلى معرفة الذهنية العربية في تلك الجموع التي صهرتها شمس ظهيرة العاشر من محرم 61 والهدف إعدام حفيد آخر الأنبياء وإعمال السيف قتلاً وتنكيلاً وحرقاً للخيام ومنعاً لوصول مياه الشرب وتشريداً للنساء والأطفال والشيوخ بمن فيهم صحابة رسول الله الأوفياء جداً!ما معنى أن يكون القلب معي والسيف على رأسي؟!إن هذه الصورة الناصعة تكشف حاجة الثقافة العربية الى المثقفين الأسوياء الذين يجب عليهم أن يستثمروا هذه المذبحة في ترميم ما يعانونه من عقول تمكن النخر منها وحوَّلهم طوال تلك السنين.
القياس:
1200 x 773
حجم الملف:
68.42 Kb