Moltka thfaf alrafdyn
في أيلول 4, 2021
11 المشاهدات
هذا الرجل أحبه..... عبده داود
عنوان الحلقة: عريس الوهم
الحلقة 2
انتهى وقت المعرض المقرر، طلبت ماريا أن أقف بجانبها حتى نودع الحضور.
أخذوا يباركون لنا بلم الشمل أنا وماريا، ويباركون لماريا بنجاح معرضها الأول، ويغادرون...
جاء خوان، وهو يبتسم ابتسامة صفراوية لئيمة وقال أنا آسف كنت أمزح معكما، ويبدو مزاحي قد ازعجكما.
علماً بأنني أنا من الأندلس، وربما أنا من احفاد طارق بن زياد. يعني نحن عائلة واحدة...
الحقيقة ماريا تظاهرت بقبول اعتذاره على مضض ولكن كان واضحاً بأنها لا تحبه، وقد ارتاحت عندما غادر.
أنا وجدت نفسي وحيدا في الصالة مع ماريا، وقد جعلوني (نوبيو). وكلمة نوبيو الإسبانية معناها خطيب، وكلمة (نوبيا) تعني خطيبة... وماريا الان صارت رسمياً (نوبيا) خطيبتي رغماً عني.
هكذا ظن الناس، وأنا لم أنطق بحرف اعتراض...وبقيت صامتاً محتاراً لا أجد كلاما أقوله...
ماريا قطعت صمتي وقالت سوف نحتفل سوية، أنا وأنت بهذه المناسبة الرائعة، لقد التقيتك أخيرا، كنت مؤمنة بأنني سأجدك.
كانت تحدثني عن آلامها وهي تبحث عني، في كل مكان يخطر ببالها... بينما أنا كنت صامتاُ أفكر كيف أهرب وأتخلص من هذا الموقف الصعب الذي وضعتني الصدفة الخطأ فيه.
حتى نحتفل بمناسبة كبيرة كهذه ستكلفني مبلغا كبيراً من المال محال ان أقدر عليه...واحترت كيف أتصرف.
ماريا فهمت ارتباكي، أو أنا تصورت بأنها فهمتني، وقالت: سنذهب إلى مطعم والدي، هناك سنلقى الخدمة الممتازة والمجانية. أنا ابتسمت وقلت كما ترين...واعتبرت ذلك فرجا جاءني من السماء، أعاد لي رشدي.
قالت تعال وتوجهنا إلى بوابة المصعد ونزلنا إلى مرآب البناية، كانت هناك سيارة سوداء فخمة، قالت تفضل أركب، ركبت والصمت كان لغتي الوحيدة التي أتكلم بها... وقالت هذه سيارة والدي، أهلي رفضوا حضور معرضي بسببك أنت
قلت مستغرباً مستنكرا بسببي أنا؟
قالت: انا أصريت أن أذيل لوحتي وأكتب عليها هذا هو حبيبي...بينما هم رفضوا هذا السلوك وقالوا من يكون ذاك؟
الذي لا تعرفينه، ولا أحد يعرفه، اليوم جئتني على حين غرة ممتطياً الحصان الأبيض لتخطفني إلى ذاك العالم السحري الذي رسمته في خيالي، وتجسد حلمي ليصبح حقيقة.
عندما التقينا في المتر وتحادثنا، قرأت في عينيك اعجابك بي، وقد أخفيت مشاعرك برقي ورفعة لم أعهدهما من أحد، غادرت انت المترو، ولم تترك لي فرصة لقائك ثانية، ومن ذاك الحين وأنا أبحث عنك، في كل مكان كما لو كنت أبحث عن إبرة سقطت بقلب أكوام قش متراكمة من جميع البيادر، الحقيقة وددت أن تكون أنت رجل لوحتي الذي رسمته في أحلامي، وعندما شاهدتك قلت: هذا هو، هذا هو الرجل الذي أبحث عنه.
وأدركت يقيناً إنك أنت اعجبت بي، هكذا قالت لي عيوني، وهكذا همس لي قلبي...
المشكلة مع أهلي سببها عديدون يحومون حولي طالبين يدي، أو ربما حول ثروتي أبي، أنا وريثته الوحيدة وأهلي يريدون أن يفرحوا بي ينتظرون أولادي، أحفادهم...
ومنهم ذاك الشاب الأحمق خوان الذي رأيته في المعرض، لقد طلب يدي مرات عديدة، وأنا أرفض الجميع وأبحث عنك أنت بالذات إلى هذا اليوم...
أبحث عن عريس لا أعرفه، عريس الوهم، هكذا أهلي يسمونك...
وكم كنت احكي عنك حتى صار الجميع يهزؤون مني، لكن كنت مؤمنة بأنني سأجدك يوماً، في هذا المحيط البشري الواسع...
وها هو اليوم قد أتى ووجدتك...ولن اسمح لأي ظرف كان، أن يبعدني عنك
وتوقفت عن الكلام. ونظرت نحوي وخففت سرعة سيارتها، وركنتها في مكان مسموح، وقالت: كم أنا غبية، بحت لك بمشاعري ككتاب مفتوح، وأنت صامت لا تنطق بحرف، علك متزوج أو مرتبط، وهذا ما يجعلك صامتاً بعيدا عني لم تنبث حتى بحرف؟
شعرت بالإحراج، ووجدت نفسي مكرهاً أن أكسر صمتي، وكان لابد أن أضع النقاط على الحروف، من بداية المشوار، حتى أحسم هذه العلاقة التي أدركت لا مستقبل لها.
فقلت: لا شك أنا أعجبت بك جداً منذ عرفتكِ، أعجبني جمالك، وأعجبتني طريقة كلامك، ومنطقية تفكيرك، وطهارة قلبك، لكن أنا شاب تائه وفاشل في هذه الحياة، لقد تخرجت في معهد الموسيقى، عازف كمان، لكن لم أجد وظيفة حتى الآن، وخاصة أنا غريب عن بلدكم، ولذلك أنا أفكر بالعودة إلى بلادي ربما أعمل معلماً للموسيقى أو أي عمل آخر...أنا فقير، ولولا عشقي للكمان، لكنت غادرت الجامعة من زمان، وعدت لبلدي، لكنني كنت أجاهد وأمضي اياماً لا أتناول فيها سوى وجبة طعام واحدة أو وجبتين على الأكثر، حتى أوفر النقود القليلة التي تأتيني من أهلي حتى أكمل دراستي، يا ماريا، أنا لا أفكر في الحب، لأن الحب ليس للفقراء أمثالي... أمثالي يبحثون عن الرغيف اليابس، لا عن الحب، سامحيني أنا لا أليق بك. لكن لا أنكر بأنك حلم من أحلام يقظتي، وستبقين مجرد حلم الأحلام المستحيلة...وذكرى هذا اليوم لن يمحيها الزمن مهما طال وطال...
والآن اسمحي لي بالمغادرة، مسكت يدي وقالت ارجوك أن تبقى حتى يراك والدي ويعرف بانك انسان موجود في العالم، ولست من الأساطير، وأجهشت بالبكاء وتساقطت دموع عينيها...
ضممتها ورتبت على كتفها، وقلت: حسنا سأبقى معك لا تزعلي.
أدارت سيارتها وانطلقنا صامتين مع الدموع والحب يملأ كياننا، حتى وصلنا إلى شارع بلباو، وقالت هذا هو مطعمنا وسأقدمك إلى والدي كونك أنت عريسي الذي كان وهما، وصار حقيقة. تظاهر بأنك تحبني ولو على مضض، حتى أنهي الخلاف مع أهلي، ويصدقون وجودك من الأحياء، ولا يستمرون باتهامي بالجنون، ولم أكن أبحث عن عريس رسمته من الوهم والخيال... بل أهلي سيعرفون كم أنت رائع، وكم أنا محقة، باختياري... وكم كلامي عنك حقيقي.
وبعدها يمكنك الرحيل، وسندفن حبنا في مقبرة المشردين الغرباء. ونعيش ذكرى لا يقدر الزمان أن يمسحها...
إلى اللقاء في الحلقة 3
القياس: 700 x 482
حجم الملف: 33.96 Kb
كن الشخص الأول المعجب بهذا.