Moltka thfaf alrafdyn
في أيلول 12, 2021
13 المشاهدات
قصة
🧡 بين البداية والنهاية 🧡
بقلم الأديب :حسام الدين أحمد
قراءة ممتعة .....
كان هاني شابا طموحا أكمل كلية الطب بتفوق ومتفائل لنيل الشهادات العليا في مجال عمله، ومن عائلة متماسكة في الحب والاحترام.
أَصبح هاني يتفانى في خدمة المجتمع والمرضى بشكل خاص، وأخذ يتنقل بين المستشفى والعيادة، وأَحياناً يخصص بعض الوقت للتنزه مع أَصدقائه، وفي إحدى الأَيام قامت أُمه بإعداد الطعام، فهو يوم الجمعة وهو الوقت الذي يجتمع فيه أفراد العائلة سوياً، وكذلك قامت بإعداد الحلوى التي يحبها هاني، وأعدت إضافة لذلك حديثاً أرادت مناقشته مع هاني.
وضعت الطعام على الطاولة وجلسوا جميعهم، وهم يرددون دعائهم، أن يديم النعم ويطعم الفقراء والمساكين، وبهذه العبارات المباركة بدأ هاني تناول طعامه ... وأُمه ترتب الجُمَل، وتنتقي العبارات التي تريد من ورائها أن تدخل قلب ابنها، فلديها قدراتها الخاصة في ذلك، وخصوصاً أنها دكتورة في الإدارة والاقتصاد/ قسم إدارة الأعمال، ولديها شهادة فخرية أخرى في مجال علم النفس للإطروحة التي نظمتها في هذا المجال.
أحس هاني أَن أُمه ليست على ما يرام ... فقد ارتوى من بحرها الوافر...
هاني: أُمي ناوليني قطعة من تلك الكعكة.
الأُم: تفضل يا حبيبي.
قال هاني: هل أَعددتِ كل هذا الطعام بمفردكِ ؟
قالت أُمه : نعم ... هل أَعجبك ؟
هاني: أَحلى من العسل ... طيب يا أُمي والذي يجول في خاطرك هل أَعددتيه بمفردكِ أم شاركك فيه شخص آخر ؟
قالت أُمه : عما تتحدث ؟
هاني: أُمي أَرى الأحرف تتطاير ... وسقط قسم منها على المائدة.
هنا ابتسم الأب، وقال: بل هي من أعددته بمفردها ...
قالت أُم هاني: ألا تستطيع كتم السر ؟ فتبسمت وقالت: بل أعددته بمفردي ... فضحكوا جميعهم.
قال لأمه: يا أُمي الحبيبة هاتِ ما عندكِ.
الأُم: الحمد لله يا ولدي قد أنعم الله علينا، إذ وصلت لهذه المرحلة، ولك الآن جميع ما تتمناه النساء، فأتمم يا ولدي دينك.
هاني: يا نور قلبي، لم أُفكر بهذا الموضوع حالياً أو بمعنى آخر لم أجد الإنسانة المناسبة.
الأُم: يا ولدي لأَكن صريحة معك، تكملت مع عمتك حول هذا الموضوع، وأبدت موافقتها وقالت: هذا من دواعي سروري.
هاني: كلي لكِ آذانٌ صاغية.
الأُم: حبيبي أتكلم عن أماني، فهي فتاة طيبة وجميلة، وتعرفون جميعاً أنها كانت طالبة لدينا، وقد تخرجت بتفوق وهي جزءٌ منا، فهي بنت عمتكَ، وإذا كنت تبحث عن صفات الجمال، ففيها ما لا تجده في أُخريات من أقاربنا.
هاني: أُمي رأيكِ هذا أحترمه، وأماني كما وصفتيها وأكثر ... ولكن أنا أعتبرها أُختاً وصديقة لي ولم أُفكر بالارتباط بها.
الأب: فكر بالموضوع يا ولدي، ولنكمل غداءنا فلدينا ضيوف.
الأُم: عجيب أَمرُك يا رجل ... لا تستطيع أن تجعل الأمر مفاجأة.
هاني: من ضيوفُـنا يا أَبي؟
الأب: إنهم بيت عمتكَ، وقبل قليل اتصلوا أيضاً بيت خالك للمجيء إلينا.
هاني: أهلاً بهم وسهلاً ... إذن سأَذهب لإحضار بعض الكعك والحلوى.
الأُم: سلمت يدك يا ولدي.
بيت أبو هاني لا يخلو إلا نادراً من الضيوف .. رنَّ جرس الباب، وذهبت الخادمة لفتح الباب ... واستقبلتهم أُم هاني، وتعانق الأحباب وبدأن النساء بالحديث قبل الجلوس، وسألوا جميعهم عن هاني ... وقال خاله مؤكداً أنه في المستشفى ...
وهنا دخل هاني مبتسماً وسلم بعضهم على بعض، وجلسوا يتبادلون أطراف الحديث وأحس الجميع بنظرات هاني وأماني، ونظرات أماني مليئة بالإعجاب، وأحس هاني بالإحراج ... وتحدثه نفسه ... أنك أجمل من القمر، ولكني أحمل لكِ مشاعر الاحترام والإخوة ... ليس إهمالاً لكِ بل أنتِ جوهرة ...
وهنا تمنى هاني أن يحدث تغيير في هذا الصمت الذي بينه وبين أماني، ولكن لا يدري كيف ... ورنَّ هاتف هاني ... وأخبروه بضرورة حضوره لاجتماع طارئ بخصوص المرض (فايروس كورونا) الذي انتشر قبل يومين، فاعتذر هاني من ضيوفه، وسلم عليهم وذهب، وطلبت أماني مرافقته للباب ... فقد أحضرت له هدية بمناسبة حصوله على منصبه الجديد في قسم الجراحة ... فتشكر منها وقال: كم أنتِ رائعة ... أشكركِ أتعبتِ نفسكِ ...
أماني: على العكس يفرحني قبولك لها ...
هاني: شكراً.
عادت أماني ترسم أحلامه الوردية في غرفتها، وهي تستمع لموسيقى هادئة ... وطرقت الباب أُمها.
أماني: تفضل.
الأُم: كيف حالكِ حبيبتي؟ وما هذه الأجواء الجميلة ؟ دوماً أنتِ متألقة وجميلة في اختياركِ للموسيقى الهادئة.
لم تستطِع إخبارها بما قالته لها أم هاني حول رأي ابنها ومشاعره تجاهها.
مرت أشهر وكثرت زيارات أماني وأُمها لبيت أُم هاني، وأحيانا يكون هاني متواجد في البيت، فيدور حديث جميل بينهم، ولكن هاني حذر من تعامله مع أماني، فلا يحب أن يجرح مشاعرها.
لم تتحمل أم أماني أن تعيش ابنتها هكذا ... فقررت مصارحتها برأي هاني فيها ... فصدمت تلك العبارات أماني، فذهبت لغرفتها وهي تبكي، ولم تتفوه بكلمة واحدة.
إلا أن أماني أصرت أكثر من قبل على عدم قطع العلاقات معهم، وكذلك دعوتهم بين الحين والآخر لتناول العشاء في بيتهم، ولم يغير رأي هاني فيها شيء؛ لأنها لازالت تقرأ ما في زوايا وخفايا قلب هاني لها، فهي تؤمن بالأقدار، وتؤمن أن هاني خلق ليكون لها.
كثرت أعمال هاني وتشعبت علاقاته مع الأصدقاء في المسشفى والعيادة، وكذلك مع المرضى الذين يعالجهم، وأصبح بين الحين والآخر يخرج للتنزه أو السهر مع بعض رفاقه.
تأخر هاني وليس كعادته على النوم في البيت، فقلقت عليه أمه، فاتصلت به، فأخبرها أن لديه مرضى يجب متابعة حالتهم، ولن يستطيع العودة اليوم، ولكن اليوم هاني وقع في شباك الرغبة والإعجاب وفخ الحب الذي نصبته له إحدى الفتيات اللاتي يشرف على علاجهن.
فقد بينت إعجابها به بعد أن أصبحت تراجعه أكثر من مرة، وخصوصاً بعد معرفتها أن الدكتور هاني رومانسي ويهوى الجمال، وهي تملك تلك الصفات التي يعشقها الرجل، فلون العين وملامح الجمال والجسد كان بريدها لقلبه.
كثر لقاءهما بشكل أثر على أوقات وبرامج عمله، فقرر هاني مفاتحة والدته لطلب يدها.
هاني :أُمي أُريدُ أُخباركِ شيء حول موضوع الزواج ... أَو أُريدُ أن أُعرفكِ على البنت التي أُريدها.
الأُم: هاني هل هذه كلمات متقاطعة ... تبسمت وقالت: اجلس، حياؤك جعل كلماتك متباعدة وغير مفهومة.
ولدي .. يُفرحني ذلك، المهم في موضوع الزواج القناعة، ولا أُريد أن أفرض عليك رأي، ولكن لنناقش موضوع هذه البنت ... من هي؟ وكم عمرها؟ ومستواها التعليمي.
هاني: هذه أُمور ليست مهمة.
الأُم: كيف تقول ذلك ؟ ولدي ... تتكلم وكأنك مراهق ... فتبسمت وقالت: ألديكَ صورة لها ؟ وأُريد رقم هاتفها، وعنوانهم لأقول لأبيكَ ليسأل عنهم، ولكن بعد أن ألتقي بها أولاً.
أَخرج هاني هاتفه، وأراها صورتها، وقال: هذا هو رقمها وعنوانهم،نظرت أُمه للصورة وتبسمت، ومسحت رأس هاني ... وقالت إنها جميلة جداً ... ما اسمها ؟
فقال هاني: إنها فاتن.
أُم هاني :إذن هذه هي التي ستخطفك مني ...
فقبل يداها وقال: أُمي لا تقولي ذلك.
حسناً يا ولدي ... ألتقي بها بعد أن أرتب برنامج أعمالي غداً إن شاء الله تعالى.
عاد هاني للعيادة لمتابعة مرضاه ... بعد أَن اتصل السكرتير بخصوص وصول الأجهزة التي تم شراؤها حديثاً للعيادة ... وعند دخوله وجد فاتن جالسة مكانه، فتبسم وقال: ما هذه المفاجأة الجميلة.
فاتن: حجزتُ تذكرتين لفيلم سينمائي تم عرضه حديثاً، وسنذهب بعدها لإحدى ملاهي الرقص ... أُحبُ أَن نرقص سوياً.
هاني: لكن يا حبيبتي لديَّ مرضى، لابد من متابعتهم.. فلنؤجل ذلك للغد.
فاتن: أراكَ تكسر قلبي، وهي تضع يدها حول رقبته وتعدل ربطة عنقه.
هاني: لا يا حبيبتي، وتعلمين أيضاً لا أحب الذهاب للملاهي.
فاتن: لا تكن معقداً .. دعنا نستمتع، واحتضنته هيا يا حبيبي.
هاني: حسناً .. أنتِ ساحرة، فلنذهب.
غادر هاني العيادة، وأَبلغ السكرتير بتأجيل مواعيد مرضاه ليوم غد، وذهبا لمشاهدة الفيلم. وقال لفاتن، عما يتحدث هذا الفلم ؟
فقالت فاتن: إنه فلم رومانسي ... يا رجل، وأَخذت تضمه بقوة وتمازحه حتى نهاية الفلم.
فاتن: هيا حبيبي، الآن لنذهب لمكان ثاني، وعالم جميل فيه من الشهوات ما تحبه، وقد شعرتُ بلمساتك وحرارتها على جسدي ونحن نشاهد الفلم.
دخلا لقاعة الملاهي، ورحب بهما المشرفين على الباب الرئيسي للقاعة، ودخلت فاتن وهي تسلم على أصدقائها، وأَصبح هذا يدعوها للانضمام لطاولتهم، وذاك يرحب بها بالتقبيل وملامسة كتفها وهي تجُرُّ هاني، وجلسا على طاولة متميزة في نهاية القاعة.
فاتن: أَيها النادل أسرع... وهي تهز جسدها وتتمايل ممسكة بيد هاني وهي تقبله.
النادل: نعم يا سيدتي .. تفضلي.
فاتن: أحضر لنا ليكيور وجعة وفودكا وكوكتيل ...
أَمرك سيدتي.
هاني: وهل ستشربين كل هذا ... فاتن لا تحرجيني أرجوكِ، وثانياً أنا من جمالكِ.
فاتن: تعال بقربي وأَبعد هذه الأفكار عنك.
بعدها أخذته للرقص، فرقصا سوياً، وتقدم أحد أصدقائها وطلب الرقص معها، فوافقت وطلبت من هاني أن يرقص مع رفيقة صديقها حتى تكمل رقصها.
تَعِبَ الجميع من الرقص، وعاد هاني للطاولة وهو يتمايل، ووَجَدَ فاتن وقد رمت قميصها ويقبلها شاب لا يعرفه.
فقام هاني بضربه على رأسه بالطاولة، وحدث شجار كبير ولم يشعر بما فعله ... حتى تدخل الحرس وأخرجوهم خارج القاعة، وأوصلوا فاتن وهاني إلى سيارتهم، وقالوا لفاتن سنغض النظر عن قائمة الأضرار لأنكِ زبونة مميزة، ولكن أَبلغي حبيبكِ أن يكون واعياً، ويحترم المكان الذي هو فيه.
أخذت فاتن حبيبها الجديد هاني لبيتها ودخلت بهدوء، وقالت له: لا تُحدث صوتاً حتى لا تشعر بنا أُمي، فأخذته لغرفتها في الطابق الثاني، وهناك أَدخلتهُ ليستحم، وجلسا بعدها وشربا القهوة وهي تضحك معه، فقد أَعجبها ... وأَخذ هو يبتسم منبهراً بجمالها وسحرها.
قام هاني في الصباح ليتوجه مباشرةً للمستشفى وقَبَلَ فاتن وهي تمنعه من مغادرة غرفتها... وهو يقول حبيبتي لديَّ عمل ولابد من ذهابي.
أصبح هاني مشغول البال بالفتنة التي أَحدثتها فاتن في عقله وقلبه، وأَثر ذلك على متابعة أَعماله في المستشفى والعيادة وعلى بعض علاقاته الاجتماعية الأخرى.
قامت أُم هاني في اليوم الثاني بالاتصال بفاتن.
فاتن: من تفضل؟
أم هاني: مرحباً .. كيف حالكِ يا فاتن ؟ أَنا الدكتورة نجوى والدة الدكتور هاني.
فاتن: أهلاً بكِ .. عذراً لم أَعرفكِ، ولم يكن لديَّ رقم هاتفكِ ... كيف حالكِ ؟
أم هاني: الحمد لله .. وأَنتِ ؟ أخبرني هاني حول موضوع علاقتكما، فهل بالإمكان أَن أَحصل على موعد لزيارتكم ؟
فاتن: نعم بالإمكان وهذا من دواعي سروري.
أُم هاني: شكراً .. سأُرتب نفسي لزيارتكم بعد قليل.
دخلت أُم هاني لبيت فاتن ... وَعَرَفتها بأُمِها وأُختها الصغيرة، وذهبت لإحضار بعض العصير والكعك، وأَخذت أُم هاني بالتحدث مع أُم فاتن بعد أن ذهبت بنتها الصغيرة للعب بعيداً.
أُم هانئ: مؤكد أن ابنتكِ أخبرتكِ بالموضوع.
أُم فاتن: نعم عزيزتي وهذا يفرحني وقدومكِ أَفرحني أَكثر... فأنتم عائلة طيبة وكريمة.
أُم هاني لم يعجبها وضع البيت ولا وضع فاتن، وهذا ما ظَهَرَ عليها ... ولكن واصلت الحديث مع أُم فاتن ... أَين زوجكِ؟ وكم عمر فاتن؟ ولِمَ أرى علامات الحزن عليكِ؟
أُم فاتن: من حقكِ أن تسألي عمَّا يدور في فكركِ ... زوجي متوفي قبل حوالي ثلاث سنوات وتركَ لي هاتان البنتان، وبعد وفاته تركت فاتن الدراسة، وقررت العمل رغم أَنا لسنا بحاجة للمال، فقد ترك لنا زوجي ما يكفينا ... وعمر فاتن هو 25 عام، ولم يدُم زواجها الأول سوى ثلاثة أشهر، وانفصلت عن زوجها.
أم هاني: هل هي مطلقة ؟ وهل لديها أَطفال؟
أم فاتن: ليس لديها أَطفال، وهي تواصل الحديث لأُم هاني ... فدخلت فاتن ... فارتبكت أُمها وسكتت، وقد لاحظت أُم هاني ذلك.
وفي هذه الدقائق القليلة فهمت أم هاني ما لم تستطِع فهمه عن طريق الأسئلة.
فاتن: تفضلي دكتورة نجوى ... تشرفنا بزيارتِك.
أُم هاني: أين تعملين ؟ وفي أي مجال ؟ وهل أكملتِ تعليمِك ؟
فاتن: أعمل كمندوبة لترويج البضائع ... ولم أُكمل تعليمي، فالشهادة ليست مهمة .. المهم هو المال.
عادت أُم هاني للمنزل تنتظر عودة هاني، وهي قلقة على ابنها من فاتن، واتصلت به... ليعود بعد انتهاء عمله.
عاد هاني وهو فرح بعد أن عرف أن أُمه ذهبت لزيارة بيت فاتن.
دخل هاني وأسرعت أُمه لضمه، فقبل يدها ... وطلبت منه الجلوس، وقالت: سأَدخل بتفاصيل زيارتي مباشرةً ... فأَرجو منك الاستماع لي.
أُم هاني: هذه البنت ليست من مستواك، ولا تليق بك، غير مدركة، ولا مثقفة، اهتماماتها هو المال فقط ، ولا تحترم والدتها، واستطاعت إخفاء أَكاذيبها خلف حلاوة لسانها وجمالها الزائل ... لا محال ... وقد أَخفت عنك أَنها مطلقة، فيا ولدي علاقة تُبنى على الكذب لا تدوم ... صدمت تلك الحقائق هاني، فسكت وقال: لا عليكِ ... أُمي سأنظر في أمرها.
اتصل هاني بفاتن فحضرت وهي في أَحلى صورها، فأسرعت قبل أَن يسلم عليها هاني ... وقبلته وضمته لها ... فلم يكن من هاني إلا أن ضمها بقوة ويردد كم أنتِ جميلة ... فأجلسها وسأل كيف كانت زيارة أُمي لكم ؟
فاتن: إنها امرأة جميلة وطيبة.
هاني: ولكنكِ أَخفيتي عني أموراً كثيرة ... فأَسرعت ووضعت يدها على فمه، وقالت: لا عليك بالماضي، وأَخذت تمسح يده وتلامس شفتاه، فلم يكن من هاني إلا أن قبل يداها ... وقال: سحركِ ملك قلبي.
زاد هاني بالتعلق بفاتن، ولم تنفع نداءات أُمه وأَبوه بالابتعاد عنها، فإنها تستغل نقاط الضعف وتخفي واقعها وحياتها المليئة بالأخطاء خلف الفتنة التي هي بريدها لقلب هاني، وقد صرح هاني لأُمه أَنه لا يستطيع تركها، وأنها وعدتني بتغيير حياتها، فهنا تدخل أَبوه وقال له:
ولدي ... إنكَ ابتليت في موضع يصعب اتخاذ القرار فيه .. إنه قلبك ... فعليكَ بالعقل في هذه المواقف وإلا ستندم، فأَحياناً القلب يأخذك إلى أماكن لا يرضى بها العقل ... فيصبح عندها القلب أنانياً بعزل العقل ليتحكم هو في كل جوانب حياتك.
كثرت دعوات العشاء بين هاني وفاتن، وأصبحت تأخذه بين الحين والآخر للملاهي، وتتركه أَوقات يجلس مع أَصدقائها وهم ليسوا من مستواه، وترقص مع الشاب الذي تشاجر معه هاني، والذي زاد اليوم في علاقته بفاتن حتى حملها بأحضانه ليعيدها إلى الطاولة وهما يشربا سكائر المخدرات، وقَبَلت فاتن هاني، وقالت له: خذ نفساً ... اشرب وانسى ... ولكن هاني حمل فاتن ووضعها على الطاولة المجاورة ... وتشاجر مع ذاك الشاب من جديد، وتجمع أَصدقاءه لنصرته، واضطر هاني لإخراج مسدسه، وأطلق عيارات نارية في أعلى السقف وحمل فاتن خارجاً... ووضعها في سيارته، وذهب لإحضار مفتاح سيارته من عند الحرس، وعاد ليجد فاتن وهي تقبل صديقها وقد أَدخلته سيارته، فعاد للشجار معه، وهنا حضرت الشرطة لفض النزاع وأَخذتهم للمستشفى بعد أَن ذهبت فاتن مع صديقٍ آخر هرباً من الشرطة.
في المستشفى علمت الشرطة أن هاني طبيب ورئيس قسم، فذهبوا للاعتذار منه ... فرحبَ بهم، وقال: هذه أُمور تحدث أَحياناً، لكن أَطلب منكم حل القضية وعلاج الشخص الذي قامت بضربه، ومن ثم الإفراج عنه.
وصل الخبر لأمه وأبوه، فجاءوا فوراً لزيارته، فدموع الأُم اختلطت بقلق الأَب على حال هاني وما فعلته فتنة فاتن به.
أسرعت أَماني وأُمها وجاءوا لزيارته، وأَماني تحمل بيدها باقة ورد معطرة وعيناه ترسم لهاني لوحة حب بدت منه خيوط المودة والإعجاب التي استطاع هاني قراءتها أَخيراً، ولكنه اليوم مُحرج، وهو في هذه الحالة، فقـبّـل يد عمته وأُمه، ومسح على يد أَماني. عادت أَماني وهي تضم يدها وتقبل لمسات هاني لها.
في اليوم الثاني جاءت فاتن لزيارة هاني، لتعتذر عما حصل، وأَخذت تلامس يده وتبدي له مفاتنها وتتعهد بعدم تكرار ذلك، ولكن هاني لم يعد يهتم لكلامها وسحرها، وقال لها:
فاتن .. أَحببتكِ بصدق وتركتُ الجميع واتبعتُ قلبي، ولكنكِ أَردتِ البقاء في أَدنى المستويات التي تكون فيه النساء بلا قيمة، وتصبح بلا مشاعر وأَحاسيس صادقة ... أَردتكِ لنفسي ... وأَبيتي إلا أن تكوني للجميع.
عذراً فاتن ... قلبي الذي أَحبكِ في الأَمس نسيته في الملاهي ... اذهبي إليه ... فاتن الزيارة انتهت ... في أَمانِ الله.
هاني: أيها الممرض أغلق الباب بعد خروجها.
عاد هاني لممارسة حياته الطبيعية، وتنظيم جدول أعماله ولقاءاته بالأهل والأقارب.
دار اليوم حديث بين أَماني وأُمها، فقد تمرضت أَماني، وطلبت من أُمها الذهاب للطبيب، لأن العلاج الذي أَخذته لم ينفعها، فذكرت لها أُمها كيف تذهبين إلى طبيب ولدينا هاني، أليس من العيب أَن نذهب إلى غيره، ولو سمعت أُم هاني أننا ذهبنا لطبيب آخر فسوف تعاتبك.
أماني: أُمي لا أَستطيع الذهاب لعيادة هاني، أخشى أن يفهم الموضوع بشكل آخر.
الأُم: تعرفين أن هاني لا يفكر كما تفكرين وستذهبين بمفردك.
أماني: حسناً يا أُمي سأَذهب.
دخلت أَماني العيادة وسجلت اسمها في قائمة المراجعين، وبعد ساعة رنَّ الجرس عند السكرتير ليسأله عمّا بقى من المرضى، فأَبلغه... اثنان فقط رجل وامرأة، فقال: حسناً أَدخل التالي، فدخل الرجل ... وبعد خروجه حان دور أماني فدخلت ومعها التقارير الخاصة بها والأدوية التي استعملتها سابقاً.
في هذه اللحظات ظهر اسمها على شاشة الحاسوب لديه بعد أَن أَرسله السكرتير لجهازه ... فقام مبتسماً وتوجه للباب وقبل أَن تفتح الباب فتحه هاني فتفاجأت وكاد أن يغمى عليها، فمسك يدها وأَجلسها وقدم لها العصير ... ما بالكِ أَماني ... هل خفتِ ؟
لا يا هاني ... ولكني تفاجأت.
أَعطته التقارير والأَدوية التي استعملتها، فطلب منها الجلوس على سرير الفحص، فرآها متعبة فأَخذ بيدها وأَجلسها ... أَحست أَماني في هذه اللحظات براحة تامة ...
فقالت: لا أُريدُ علاجاً.
فقال هاني: ماذا يا عزيزتي ؟
قالت: كنت أَتحدث مع نفسي.
قال هاني: كم أَنتِ رائعة يا أَماني ... زدتِ جمالاً .. ففحصها وطمأنها .. لا بأٍس عليكِ، سأكتب لكِ دواءً، وخلال هذين اليومين سيزول الألم تماماً.
قالت أَماني: هاني تُرى ماذا أَعني لك أَنا.
هاني: أَنتِ قطعة ثمينة جميلة ... إنسانة حساسة رومانسية ... تدخلين القلب دون استئذان ... أَحببتكِ ... نعم أحببتكِ .. وأَخذ بيدها وأجلسها بقربه.
فقالت أَماني: أَحببتكَ منذ كنت طفلاً، وتمنيت ملامسة يدك.
هاني: وأَنا أُحبكِ أَكثر من ذلك.
فأخذ بيدها .. وخرجا سوياً.
فقالت: إلى أين ؟
قال: ألا تثقين بي ؟
قالت: الحب أساسه الثقة.
قال هاني للسكرتير: أَعطني حساب الآنسة .. هل أَدخلتها ضمن قائمة المراجعين ؟
قال: نعم.
قال هاني: فأعِد المبلغ الذي أَعطته لك.
قال السكرتير: تفضل يا دكتور.
قالت: ماذا تفعل ؟
قال: هيا ...
فأَخذ المال وطواه جيداً وجعله بين يده ويدها وأَخذها وركبا السيارة، وقال: هل تقبلي دعوتي للعشاء.
قالت: بل أَتمنى ذلك.
أَخذ هاني يحدثها عما يحمله لها من مشاعر الحب الاحترام .. وأَحياناً كان يتمناها ويسترق النظر إليها ... فأخبرته أماني بالحب والأمنيات والأحلام التي تحمله بقلبها، فلم يتحمل هذا الكم من الإحساس والمشاعر الرومانسية، فترك العشاء وأخذها مسرعا!
قالت أماني: إلى أَين من جديد ؟ لم نكمل العشاء.
اتصل هاني وهو في السيارة بأَبيهِ وأُمهِ، وطلب منهما الذهاب لبيت أَماني، وأَنه سوف يكون هناك بعد قليل، واتصل بعمته، وقال :سوف أُحضر الطعام معي بعد قليل ... فعلمت عمته أَن أماني معه.
دخل هاني وطلب من الجميع تناول الطعام، وأَبلغهم أن بعد ذلك لدي عمل لأَقومَ به ... تعجب الجميع من حال هاني، ولكن أَماني أَحست بلمساته وكلماته ... طلب هاني من عَمَتَهُ يد أماني... ففرح الجميع وأَماني غارقة في حيائها وقرروا إكمال المراسيم يوم غد.
تحققت أَخيراً أَحلام أماني، واطمأنت أم هاني على ابنها، ووضع هاني حجر الأساس لبناء عائلة مثقفة متماسكة متحابة في بناء مجتمع يغمره الصدق والحب والأَخلاق.
تمر الأيام وتتحقق أَحلام أماني، فقد رزقوا بمولودهم الأَول، وكحالهم كل صباح يصحون على صراخ طفلهم ليجتمعوا سوياً ليقبل بعضهم بعضا ...فمسك هاني يد أماني بقوة... وأحست أماني بوجود شيء في يد هاني... أخذته... فإذا هو ورقة نقدية تعجبت...
قالت : ما هذا؟
قال :حبيبتي إنه المبلغ الذي دفعتيه في العيادة حين كنتِ مريضة... وقد طلبت حينها من السكرتير إعادته لكِ...
ضمت أماني الورقة النقدية وهاني معا لأحضانها، وهي تردد أُحبك كثيرا.
القياس: 720 x 432
حجم الملف: 48.46 Kb
كن الشخص الأول المعجب بهذا.