Moltka thfaf alrafdyn
في تشرين أول 8, 2021
29 المشاهدات
كلمات من ذهب.. بقلم: عبده داود
قصة قصيرة،
تشرين أول 2021
ياسمين تخرجت من كلية الحقوق في جامعة دمشق بامتياز.
أرسلتها الجامعة إلى دولة أوروبية للحصول على شهادة دكتوراه في السياسة الدولية حتى تعود أستاذة في كلية الحقوق.
أعجبت ياسمين بالمناهج السياسة النظرية، الهادفة لتأمين حقوق الانسان، وضمان حريات الفرد، وتلبية احتياجات الأمة الكاملة، وتحقيق العدالة الاجتماعية...
دراسات اسعدت ياسمين وقالت: هذه هي السياسة الحقة التي تسعى لتأمين الحياة الفاضلة للمجتمع، والتعايش السلمي بين المجتمعات.
بدأت ياسمين دراستها تحت عنوان توظيف السياسة في خدمة الأمة.
عينت لها الجامعة استاذاً يشرف على دراساتها. يدعى الدكتور لورانس، شاب خلوق، وسيم، عازب، وأبن عائلة معروفة.
قال الأستاذ: أهم وظائف السياسة،
زيادة الموارد الإنتاجية، لترفد كافة الخدمات المجتمعية مثل التعليم، والصحة، والمواصلات، والزراعة، والطاقة، وكل ما يحتاجه البلد...وبالتالي السياسة مقدسة، غايتها الانسان، وتعايش البشر بمحبة وسلام.
الذي صدم ياسمين لاحقا، المقارنات بين النظرية وبين الواقع الجاري في العالم.
اكتشفت ياسمين بأن الحال مريب، أغلب القادة السياسيين موظفون عند قادة أكبر منهم...والأكبر منهم موظفون عند آخرين أكبر، وأكبر...بالتالي نتيجة العولمة التي يروّجون لها، سيرأس العالم فئة واحدة يبسطون سيطرتهم الكاملة على الكرة الأرضية بكاملها...
كانت السنوات الدراسية تمضي، وياسمين تعاين الكذبة الكبيرة... وتشاهد التناقض الكبير بين النظريات المدونة في الكتب، وبين الواقع الجاري على الأرض...
الأستاذ لورانس أعجب بذكاء ياسمين...وياسمين أحبت لورانس بالفعل، لكن بصمت صواني.
رغ إنها كانت تشعر بعاطفة جياشة نحو استاذها، لكنها سدت سبل قلبها، وتجاهلت عواطفها لأنها لا تريد الارتباط مع أحد قبل إنهاء دراستها، والعودة إلى بلدها.
الأستاذ لورانس كان يدرك التناقض الذي يدور في خلد طالبته، نتيجة المقارنات المتضاربة بين النظريات الجميلة، المدونة في الكتب، وبين الواقع الجاري.
كان يقول لها، أنت مجبرة على قول الذي هم يريدونه، حتى تحصلين على شهادة الدكتوراه، وعليك أن تتناسي ما يدور في العالم.
ويقول: أنا لا أقدر أن أبوح بكل ما يدور بخلدي، لأنني سأخسر وظيفتي...وربما يسجنونني في سجن لا أخرج منه أبداً.
كانت الأيام تمر وياسمين تكتب، وتقارن، ويشتد استنكارها للواقع الدائر...
ياسمين تعرفت على أصدقاء رائعين في الجامعة... قالو لها بصراحة بأن سياسيو بلادهم مجرد دمى مربوطة بحبال، كما هو الحال بمسرح العرائس... يحرك تلك الدمى من خلف الكواليس شياطين كبار
أشخاص يبدون رائعين في مظهرهم، لكنهم في الواقع، هم قنابل موقوته، خاضعين لإملاءات تحولهم عسكريين كأحجار الشطرنج، وظيفتهم غزو الشعوب، والسيطرة على موارد الدول المختلفة وخاصة الغاز والبترول...
مرت السنوات وانهت ياسمين أطروحة تخرجها
وحددت اللجنة الفاحصة موعداً لمناقشة مشروع تخرجها...
وقفت ياسمين خلف المنصة الخاصة، مقابل اللجنة الفاحصة، مرتدية اللباس الرسمي، حسب البروتكولات الجامعية...
تكلم رئيس اللجنة بتعالي وقال: اطروحتك مستوفية الشروط المطلوبة من حيث الشكل، فلنبدأ مناقشة المضمون...
قالت ياسمين: بداية اسمحوا لي القول: هذه أطروحتي التي تزيد عن خمسمئة صفحة كتبتها، حرفاً بعد حرف، بمداد دموعي...
أرجوكم دعوني أرتجل اطروحتي بشفافية كما عاينتها في الواقع الجاري.
عندما رغبت دراسة هذا الاختصاص، كانت قناعتي بأن السياسة خلقت لتكون الجدران التي تحمي الانسان... وتحقق العدالة لبني البشر جميعاً...
في هذا السياق اطروحتي هذه مجرد كذبة كبيرة، مجرد كلمات مزيفة، وبالتالي هي مجرد أوراق تليق بها حاوية القمامة...
في الواقع سياساتكم، بعيدة عن الحق، وعن العدالة، سياساتكم الفعلية كرستموها لغزو ونهب الشعوب الضعيفة المسالمة. أغلب قادتكم اليوم، كانوا زعماء مافيات، عصابات قتل، عملاء تبيض أموال، وتجار مخدرات وممنوعات مختلفة.
هم وظفوكم عندهم لتغطية سلوكياتهم الدنيئة، أسيادكم اليوم يتبجحون ينادون بالعولمة، غايتهم تحقيق مآربهم الدنيئة، واخضاع العالم تحت سيطرتهم، وبالتالي يتفردون في حكم الكرة الأرضية كلها...
وقف رئيس اللجنة مسعورا، مستهجنا، مستنكرا، وصاح كالذئب المجروح ما هذا الكلام... اخرجوا هذه المعتوهة من القاعة... دراستك مرفوضة...أنت لا تستحقين ...
صاح الطلاب على المدرج دعوها تكمل،
وتحت صياح الطلاب في المدرج: تابعت ياسمين:
ماذا تصنع دولكم في بلادنا، ارسلتم لنا الإرهاب يذبحون شعبنا كما تذبح النعاج، ويهدمون دورنا ودور عبادتنا، يسرقون ويحطمون آثارنا، ويغلقون مدارسنا... ويشردون أهالينا...
وأنتم تظاهرتم بحسن النية، وفتحتم أبوابكم المحصنة على مصراعيها لتستقبلوا أهل بلدي المشردين بحميمية غير مسبوقة.
غايتكم المخفية والحقيقية هي تفريغ بلدنا، حتى يسهل عليكم احتلال بلادنا مدعين بأنكم جلبتم الربيع العربي إلى بلادنا، وأنتم تخططون لتجلبوا اعوانكم المدججين بالأسلحة ليحتلوا بلادنا.
يا سادة أنتم جزء من المؤامرة الكبيرة على بلادنا، وأنتم بصراحة أعوان أولئك المرتزقة...
فرضتم على سورية حرب استنزاف حقيرة، عندما يقتل واحد من اذنابكم المرتزقة، تستحضرون عشرة بديلاً عنه، وللأسف الشديد بأموال عربية سخية... بينما نحن إذا استشهد واحد منا، يموت جزء من جسدنا لا يعوض بمال الدنيا...
والغريب جداً بانكم تتبجحون بوسائل اعلامكم، بانكم تحاربون الإرهاب البغيض، بينما أنتم هو الإرهاب بعينه...
أنتم تدعون أنكم زعماء حفظ حقوق الانسان...بينما
أنتم مجرد دمى اختاروكم لتكونوا قنابل موقوتة تحت أمرتهم.
وظفوكم أساتذة جامعات تعلمون طلابكم ما يفرضه اسيادكم عليكم من معلومات مسمومة؟
جن جنون رئيس اللجنة، وصار يزأر ويصرخ احضروا رجال الأمن، هيا اخرجوا هذه المجنونة من المدرج... أطروحتك مرفوضة لا تستحق...
صار هياج وصفير بالمدرج، الجميع يهتفون: ياسمين تقول الحقيقة... وقف جميع الموجودين يصيحون ياسمين تستحق، كلام من ذهب... يصفقون ويقولون عاشت الدكتورة ياسمين...عاشت الحرية.
قالت ياسمين موجهة كلامها للجنة، أنتم ترفضون اطروحتي، وأنا أرفض أن أنال شهادة الدكتوراه من ناس يخدعون ذواتهم، ويخدعون طلابهم، ويخدعون مجتمعهم وإعلامهم، وكل شيء في حياتكم هو كذب وخداع...
وتحت التصفيق الحاد من الجميع. نهض الأستاذ لورانس ووقف اثنان من اللجنة معه، وصاروا يصفقون مع الموجدين في المدرج...
قال لورنس وزميليه نحن أعضاء من اللجنة نوافق على منح ياسمين لقب دكتوره في السياسة الدولية. وانضم لهم العضو الرابع...
هذا الموقف الشجاع غير المسبوق، أجبر مدير اللجنة على منح ياسمين لقب دكتوره...
قال لورانس: ياسمين هذه واحدة من حفيدات زنوبيا، وموقفها المشرف هذا بحجم سورية العظيمة.
رجعت الدكتورة ياسمين إلى سورية لتعطي دروساً بالجامعة، ساعية إلى غرس الفكر السياسي الصالح في عقول طلابها
بقلم: عبده داود
سورية
القياس: 720 x 445
حجم الملف: 32.61 Kb
كن الشخص الأول المعجب بهذا.