Moltka thfaf alrafdyn
في تشرين أول 11, 2021
12 المشاهدات
الى اين نسير؟..... عزيز شرحبيل
معظم الناس يستشعرون القلق مما آلت اليه حياتهم الاجتماعية، ويحسون بالغربة في هذا العالم، اذ يعتبرون أنفسهم قادمين من زمن كانت فيه القيم الاخلاقية والروحية تأسس للعلاقات المجتمعية القويمة.
مع هذا الاحساس، لا يفعل الناس شيئا للتصدي لهذا التغير السريع في أنماط عيشهم وتفكيرهم ، واقصى ما يقومون به هو التحسر على ما مضى وانتقاد كل شيء مع عدم فعل اي شيء.
احيانا يشعر المرئ ان الامور كلها حيكت في ليلة نام فيها عالمنا الثالث واستيقظ ليجد كل شيء تغير. وهنا نأتي على ذكر مثل قالته العرب قديما : مكيدة دبرت بليل.
لنبدأ حيث ينبغي ذلك، لابد أن نستعرض مكامن الأخطاء وأولها التعليم، اعتمادا على كونه ركيزة وعماد الأمم، وهو الذي يسمو بالمكون البشري ويوفر له اسباب الفاعلية التي تؤهله للإنتاج، ونربط ذلك بالتغيرات السياسية التي شهدها العالم.
كما يعلم الجميع، منطقتنا تتوفر على كل مصادر الطاقة، كما تزخر بالخيرات الفلاحية والطبيعية التي تجعلها كيانا متكاملا قادرا على المضي نحو الامام وتجاوز عقبة الاستعمار، بفضل الموارد البشرية الشابة والطاقات التي تحتاجها عجلة التنمية.
وبما ان جودة التعليم ترتبط بالامكانيات المادية المتوفرة لضمان حياة كريمة للمتعلم والمعلم، كان لزاما ان يحدث تغيير كبير في نمط العيش الذي تحول بسرعة جنونية من الاكتفاء والتوفيق، إلى الخصاص الذي يقود نحو الاقتراض. وظهرت مؤسسات الاقتراض مع غلاء البقع السكنية واستحالة التوفر على سكن يحصن الاسر من اكراهات الوجيبة الكرائية الشهرية، فصارت تلك المؤسسات تمنح قروضا طويلة الأمد قد تصل احيانا إلى ربع قرن، للحصول على بيوت ضيقة تضيق معها سبل الحياة وتتحول الايام إلى ضنك لا ينتهي، يشغل الناس عن المطالبة بتوفير اسباب حياة افضل، ويجعلهم في انشغال تام عن تنمية الفكر والاهتمام بالتربية كاساس لتنمية الأجيال.
أصبح المكرهون يلهثون من قرض إلى قرض، لتغطية مصاريف الماكل والمشرب والانترنت والتعليم الخصوصي، بعدما توقفت عجلة التنمية في حقل التعليم العمومي وصار يشكو من الخصاص المعنوي والمادي، وافرغت الهيئات النقابية من دورها في التصدي للتردي وأصبح القليل منها يناضل بصوت مبحوح من أجل التغيير بعدما تقلص دور المعارضة.
وامام كل هذا غاب منطق الاحتجاج وأصبح لكل امرئ شأن يلهيه واصبحت معظم الاحتجاحات لا تتعدى صفحات الانترنت وأحيانا تكتفي بالتلميح فقط.
على الجانب الآخر استفحلت الجريمة، وتفشى الفساد والمخدرات، واستنفذت طاقات الدول في مشاريع سرعان ما تظهر عدم جدواها ليتم إلغائها والبحث عن بدائل جديدة.
الناس بدورهم انخرطوا في موجة التغير وتقبلوا طوعا واكراها ما تسرب إلى بيوتهم من مظاهر التجاوز للقيم المجتمعية واستسلموا بعد مقاومة لا تتجاوز حناجرهم.
بالنسبة لتغطية العقول، لم يعد الناس يهتمون بالثقافة معظمهم لا يقرأ واذا قرأ يمر مرور السحاب، فلا يستفيد ولا يفيد، وظهرت ثقافة البطون من الوجبات السريعة الدسمة، والأنظمة الغذائية اللاصحية، وأصبح الناس يشترون كل شيء بما في ذلك الماء والخبز.
في القرى حيث الفقر، ساهم الغلاء في خلق جمعيات نسائية احيانا تمولها جمعيات بالخارج في شمل تعاونيات توفر اسباب العيش الكريم لكنها تجعل النساء يتفوقن في الدخل المادي على ازواجهن، مما ساهم في تقليص سلطة الرجال، وفتحت محاكم الاسرة ابوابها لاستقبال قضايا الطلاق بعدما نفذت عملة الصبر والحكمة.
وامام هذا الانفلات، أصبحت الأنانية سيدة المواقف وانبرى الجهلاء يعتلون المنابر، ويحدثون الناس بما لا يفقهون، وكل ضال يبحث عن ضالته، ويسأل الله أن تمر أيامه بسرعة وبسلام.
وعجز الآباء والأمهات على تقديم منتوج بشري ينمي المجتمع، كما عجز المجتمع على توفير مناعة للافراد من التردي المستمر، وصار كل شيء يسير اعتباطيا وكل ما كان يزين سويعات الامس أصبح يخضع لتقييم مادي يفرغه من قيمته ويحيله إلى الهوامش.
مع هذا أصبح الشباب يحلمون بالهجرة ويبتغون أسبابها، وساهم نجاح البعض في الاغتناء السريع بطرق غير سليمة، إلى تحول معظم الطامحين إلى الهجرة الى عشاق للثروة مستعدين لفعل اي شيء للحصول عليها بسرعة غير معقولة بمزاولة المهن الممنوعة المجرمة والدعارة. ولم يعد الكسب الحرام يؤرق الكثيرين وكل طرق الثراء أصبحت مشروعة. وهو نفس المبدأ الذي تبناه بعض السياسيين في تسيير الشأن العام منهم من ضبط وتمت متابعته ومنهم من افلت من مقصلة العدالة، وكل منشغل في تأمين مصالحه اولا خارج الخطب النوعية التي غابت عنها روحها منذ رحيل الاشتراكية والشيوعية، وظهور هيئات سياسية تبنت الدين للحصول على امتيازات السياسة، فلا هي طبقت السياسة ولا حفظت للدين هيبته.
وبما ان الدين كان عاملا جوهريا في تخليق مجتمعات الامس، فإن تكاثر المصلين والمصليات، لم يكن محصنا للمجتمع، امام تكاثر أوجه الانحراف اذ صار معظمهم يحرصون على مظاهر التدين دون أن يكون التدين غايتهم، وأصبح الناس يصلون، يحجون ويعتمرون وتتوالى ختمات قراءاتهم للقرآن، لكنهم يكذبون وينافقون. فافرغت العبادة من روحها وكان لذلك تأثير كبير على تربية الأطفال تربية سديدة صالحة.
السؤال الذي يؤرق :
كيف نخرج من هذا النفق؟
عزيز شرحبيل
المملكة المغربية
القياس: 225 x 225
حجم الملف: 11.81 Kb
كن الشخص الأول المعجب بهذا.