Moltka thfaf alrafdyn
في تشرين أول 11, 2021
12 المشاهدات
عزيز شرحبيل
## هل المال نعمة ام نقمة؟ ##
هناك إجماع على كون المال عصب الحياة، مدلل العقبات و فاتح السبل. لكن تملكه يحتاج إلى بصيرة وتبصر وحكمة تجعله أداة وليس غاية. مع كل ايجابيات امتلاك المال، إلا أنه يظل عاجزا عن تحقيق مقاصد تخرج عن نطاق الملموس وتتموقع ضمن خانة المحسوس كما أنه يصبح مضرا عندما يتم توظيفه من أجل إفساد الحياة واغتصاب عفويتها، ولنا في التاريخ ما هو من افضع الوقائع التي جعل المال فيها غاية، فحادت البشرية عن جادة الصواب، وامتد ذلك إلى حقب وعصور عبر التاريخ.
لنبدأ بأحبار بني إسرائيل، والامتيازات العينية والاموال التي اغدقها عليهم الحكام الرومان، والتي كانت في مقابل تثبيت السيطرة ودعم الحكم الروماني في الشرق وشرعنته. وكيف ان تلك الأملاك والاموال التي حصلوا عليها جعلتهم يحرفون الكتاب المقدس ويفرغونه من قيم المساواة والتسامح والعدل، بل وينكرون بشارات قدوم المسيح عيسى بن مريم والدلالات التي تشير إلى بعثة النبي محمد خاتم الانبياء.
ولما كانت بعثة المسيح عيسى بن مريم، تشكل تهديدا لاستمرار سطوة الأحبار ومن يدور في فلكهم على المقدرات، فقد بادروا بانكاره وحاربوه بكل الوسائل، واضطهدوا اتباعه وأوعزوا إلى الحكام الرومان باستهدافهم. وبالمال تم استدراج يهودا الاسخربوطي حواري المسيح إلى مستنقع الخيانة وكان ما كان. وكان في مشيئة الله رفع المسيح إلى السماء وصلب الحواري الخائن مكانه.
وبما ان عقيدة الإنجيل تهدد مملكة المال، كان لابد من تحريفه أيضا بشكل يرفع عنه التوحيد، ويجعله غير صالح ليكون دين الصلاح، حيث جعلوا لله شركاء أحدهم جبريل او الروح القدس وثانيهم المسيح نفسه باعتباره من صلب الله وولده.
وامتد استعمال المال لتغيير القيم الروحية إلى الكنيسة في العصور الوسطى، والتي كانت تمنح جوازات العبور إلى الجنة مقابل المال فيما كان يعرف تاريخيا بصكوك الغفران.
وبهذا، يكون المال قد إثر على مصداقية الكتب السماوية وجعل منها مجرد إصدارات والواح متضاربة.
ومع نزول القرآن وبزوغ فجر الإسلام، لم يكن ما يعكر صورة رسول الله وسمعته فقد كان يلقب الصادق الأمين وقد حكمته يوم اختلفت بطونها على وضع الحجر الأسود وكانت عشيرته بنو هاشم من اشرف العرب واعظمها سمعة. لكن قريش، سعت بعد ذلك بكل ما اؤوتيت من قوة وسلطان للتصدي لرسالة الإسلام لما تشكله من تهديد صريح لتزاوج السلطة والمال. خصوصا ان الاسلام يحرم تجارة الرقيق ونشاط صاحبات الرايات الحمر والقمار والميسر والخمر ويساوي بين الأسود والأبيض في الحقوق والواجبات ويوقف نشاطات الإغارة على القبائل المستضعفة وقطع الطريق وسبي النساء....
وكل هذه القيم الروحية التي جاء بها محمد بن عبد الله، عليه افضل صلاة وسلام، تقلص مداخيل السادة وتهدد مملكة المال بالزوال.
وعبر التاريخ إلى ايامنا، كان المال وسيلة للعدوان والطغيان وارتكاب المجازر الفضيعة. وسببا في تعدد الخيانات وتنوعها وتخلف الأمم واستباحة مقدراتها. ولعل ما قام به الغزاة الاوروبيون في أمريكا الشمالية من إبادة للإسكان الأصليين بعد إكتشاف الذهب هناك وما قام به الفرنسيون والبلجيكيون في الكونغو من أجل الماس وما يحدث اليوم في الشرق الأوسط من أجل أموال الذهب الأسود خير دليل على الوجه الخطير لاستعمال المال والسعي إلى تملكه.
وبسبب اغراءه، وضع بعض الفلسطينيين موضع قدم لبعض اليهود بعد أن قامو ببيع املاكهم لهم ومكنوهم من الاستقرار بمدن فلسطين أثناء مرحلة الانتداب البريطاني.
وبه تشترى ذمم الفقراء المعدمين ليتم تزوير نتائج الانتخابات وينتقل الفاسدون إلى مراكز التشريع والبرلمان فيتسبب ذلك في إيقاف عجلة التنمية وانتشار الفساد على أوسع نطاق. فتتفشى الجريمة والرشوة والمخدرات ويغرق المجتمع في مستنقع الجهل.
ويتم به استغلال الدين الحنيف. فيدعم الجاهلون ويتم مدهم بالوسائل اللوجيستيكية لتكوين جماعات ارهابية تكفيرية تقتل وتسبي وتفجر وتستحل ما حرم الله...
الإمبراطورية المالية العالمية التي يعد صندوق النقد الدولي احد تجلياتها تخيط وتفتق في خرائط الدول وتفعل ما تشاء بمقدراتها وتستنزف اقوات أبنائها ببرامج وقروض لا نهاية لها بل وتمتلك حصصا في احتياطات الماء والهواء وأشياء أخرى لا تدركها مردة الشياطين والجان.
ومن اجل تحصيل المال تختلق القوى العظمى النزاعات والحروب لتصبح تجارة الأسلحة مصدرا دسما لتدفق الرساميل، لا يهم ان تكون تلك الحروب سببا في إسألة أودية من الدماء وتدمير بيوت الأبرياء ودفن الأطفال الأبرياء تحت انقاضها بعد قصفها بالبراميل المتفجرة والصواريخ كما حدث في الشام والعراق واليمن وفي بقاع كثيرة....
وبالمال ولاجله يتم ترويج الفيروسات في مختبرات سرية وتحاك الدسائس وتصبح الصحة العالمية رهينة للقاحات.
عزيز شرحبيل.
المملكة المغربية
القياس: 720 x 480
حجم الملف: 64.06 Kb
كن الشخص الأول المعجب بهذا.