قبسات
في تشرين ثاني 15, 2021
28 المشاهدات
#الفتنة التي عصفت بالمسلمين بعد رسول الله .. والتي كان من فصولها الهجوم على دار عليٍ (ع) و اغتيال الزهراء (ع).. فتنةٌ عجيبة .
فمع أن النبي (ص) كان قد حذَّر المسلمين من وقوعها .. ومع التمهيد الكبير الذي جرى من قبل الرسول (ص) لتوضيح نظام القيادة من بعده، وشخص القائد (أي امام المسلمين)، ذلك التمهيد الذي بدأ مع بداية الإعلان عن الدعوة الإسلامية، أي مع الأمر الإلهي (وأنذر عشيرتك الأقربين)، واستمر في جميع الموارد والمواضع المهمة طيلة 23 عاماً من الدعوة الشريفة..
الا ان ذلك كله لم يمنع من حدوثها، ومن عَصفِها بالمجتمع كله بما فيه من أصحاب رسول الله (ص) والمقربين اليه، حيث جعلت حليمهم حيراناً..
وما يثير الاستغراب أسماء لامعة، نعتقد بها – نحن الشيعة الامامية- على انها في قمة الايمان والوعي، الا انهم ترددوا من اتخاذ الموقف السليم في اللحظة الحرجة.. ولك – عزيزي القارئ- ان تنظر الى قلة المجتمعين بدار عليٍ (ع) مُحلقين رؤوسهم ينتظرون امر امير المؤمنين .. اربعةٌ فحسب،، سلمانٌ وابوذر و المقداد و الزبير، وعليك بعد ذلك ان تسأل عن اسماءٍ لامعة تعرفهم من أصحاب رسول الله (ص) شيعةً لأمير المؤمنين .. لكنهم كانوا غائبين عن هذا الموقف.. هم ومع ان جلُّهم كفَّر عن تقصيره فيما بعد، واستشهد بين يدي امير المؤمنين في حروبه .. الا ان الحديث عن تلك اللحظة الحاسمة بالذات.. اين هم؟ ولماذا لم يحظروا؟
لا اعلم!
والعجيب ان بعض هؤلاء كان موقفهم من الانقلابيين واضحاً، لكنه لم يحظر لنصرة عليٍ (ع)!
والحديث عن الفتنة الحاصلة طويل اختصره في بيان اتجاهات ثلاث:
1-الذي قام بالانقلاب على امير المؤمنين (ع)، هي (قُريش) المنافقة.. تلك التي هزمها الإسلام في بدر وحنين، و افشل حملتها العظمى في يوم الخندق.. وبعد ان عرفت عدم قدرتها على مواجهة الإسلام عسكرياً غيَّرت اسلوبها –دون هدفها-، و خططت للاستيلاء على السلطة بعد رحيل النبي (ص).
ومع انَّ بعض الأنصار بادروا الى سقيفة بني سعادة لتعيين الخليفة مشاركين في اثم الإنقلاب، الا ان (قريش المنافقة) كانت قد احكمت الخطة سلفاً، بل قبل سنينٍ عدة.. وحتى تشير بعض أصابع الاتهام اليهم في شهادة النبي (ص).
والى هذا أشار النص حيث جاء في وصف حادثة الهجوم على دار الزهراء (ع): "فحُشِرَ سِفلةُ الأعراب، وبقايا الأحزاب"
أي ان البقية الباقية من معركة الأحزاب (الخندق) هي التي هاجمت بيت الزهراء (ع) بمعية سفلة الأعراب.
2-الذي تخاذل في مواجهة الانقلاب كان جمهور الإنصار ، فهم قد نصروا رسول الله (ص) في حروبه مع قريش كافرةً، وكان عليهم اكمال المسير في نصرة اهل بيته في مواجهتهم مع قريش منافقةً.. لكنهم لم يستوعبوا الأمر، وظنوا أن الامر مجرد اختلافٍ سياسي بسيط.. ولا فرق كبير في الخلافة بين عليٍ او ابي بكر!
وقد حاولت الزهراء (ع) استنهاضهم في خطبتها الفدكية لكن دون جدوى، فقالت: (ايْهاً بَنِي قَيْلَةَ – وقيلة جدة الأوس والخرزج- أاُهْضَمُ تُراثَ أبِيَهْ وَأنْتُمْ بِمَرْأى مِنّي وَمَسْمَعٍ، ومُبْتَدأٍ وَمَجْمَعٍ؟! تَلْبَسُكُمُ الدَّعْوَةُ، وتَشْمُلُكُمُ الْخَبْرَةُ، وَأنْتُمْ ذَوُو الْعَدَدِ وَالْعُدَّةِ، وَالأَداةِ وَالْقُوَّةِ، وَعِنْدَكُمُ السِّلاحُ وَالْجُنَّةُ؛ تُوافيكُمُ الدَّعْوَةُ فَلا تُجِيبُونَ، وَتَأْتيكُمُ الصَّرْخَةُ فَلا تُغيثُونَ..)
ومع انهم ندموا على خذلاهم فيما بعد، وكانوا يُرسلون نساءَهم لعيادة الزهراء (ع).. وكان موقفهم في ما بعد مع امير المؤمنين (ع) في مواجهته لمعاوية، حيث لم يكن مع معاوية من الانصار الا كأصابع اليد الواحدة او اقل من ذلك.. الا انه فشلوا –ايضاً- في اتخاذ الموقف الصحيح في الوقت اللازم.
3-لم تكن الفتنة من مستوى وطبقة واحدة، بل الفتنة جاءت – كغيرها من الفتن- طبقات مطبَّقة مُلبَسة، لا تعي جانباً منها الا و تغمرك سائر جوانبها. فلم تكن الفتنة سياسية، او عسكرية، او فكرية ... بل كانت كُلُّها مجتمعة.
في فترة قياسية، اُعلن عن رحيل رسول الله (ص) .. والاجتماع في السقيفة، والاتيان بمرتزقة بني اسلم كقوة عسكرية لإرهاب من لا يقبل الخضوع.. وتم بث رواياتٍ من قبل ثقات الاصحاب منها (لا تجتمع الخلافة و النبوة في بيت) فزرعوا الشك في قلوب المؤمنين، والشك في مثل هذا الموارد كفيل بمنع اتخاذ الموقف، اضافة الى تقديمهم ابا بكر للصلاة والنبي لا زال على قيد الحياة وغيرها من الموارد.
اقول: دراسة الأحداث لا تكفي فقط في معرفة حقانية امير المؤمنين (ع) و مظلوميته، بل تفيدنا المزيد من الدروس والعبر لحياتنا.. فاولئك قوم امتحنهم الله بفتنةٍ عمياء طخياء .. ونحن قوم يمتحننا الله ايضاً بفتنةٍ عمياء طخياء مظلمة .. فلنستعد.
____________________________
#قبسات للسيد #محسن_المدرسي
القياس: 736 x 608
حجم الملف: 50.1 Kb
أعجبني (7)
جارٍ التحميل...
7