في زمنٍ مُظلِمٍ كئيبٍ، يُتَخَطَّفُ فيه المؤمنون، ويُغيَّبُ فيه كلُّ صوتٍ للإسلام،
صدح نداءُ الجمعة، وأُعِيدتْ تلاوة الآية على المنابر:
• يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ •
في مرحلةٍ ملؤها الخوف، والرُّعب، والفقر، والجوع، والحرمان، والاضطهاد، والظلم، فتح "محمّد الصدر" رداءه للمُستضعفين، وهم في أَمسِّ الحاجة لذلك الحضن الإسلامي العطوف..
قادهم من المقاهي والساحات وحلبات الصراع اليومي، إلى باحات المساجد، وبدلًا عن ثقافة الشوارع والأزقّة، غذّاهم بثقافة المساجد والمنابر والمحاريب.
كان واضح اللهجة، بسيط المفردات، رحب الصدر، بمختلف شرائح المجتمع وفئاته.. أراد أن يؤسّس حضورًا شعبيًا للإسلام ومفاهيمه، بعد أن كان محصورًا في حلقات الدرس، وهمسات الآباء، وأنين المسجونين.
أخرج "محمّد الصدر" مفاهيم الإسلام وثقافته، من صفحات الكُتب المدوّنة بلغة النخبة، إلى نفوس المظلومين الفقراء المُترعة بالحزن والخوف واليأس.
أحيى في نفوسهم أملًا..
وأوقد في ضمائرهم جذوةً..
وأرادهم لمشروعٍ كبير بحجم أمّة
بدأ تربيتهم
بلهجة الدعاء
ولهجة القرآن
ولهجة الروح المتعلّقة بالخالق
علّمهم أُولى الـ "لاءات"
وغرسها في ضمائرهم
علّمهم كيف تكون "كلَّا" دينًا يدينون به
تهجّأها لهم
رسمها على شِفاهِهم
أنبتها وسقاها وأرادها أن تكون ذات يومٍ صرخةً ضد الظلم والباطل والغطرسة والطغيان.
السيّد الشهيد محمّد محمّدصادق الصدر (قدّس) كان مشهدًا إسلاميًّا حركيًّا بالأدوات الممكنة، والأساليب المُتاحة، واللغة التي تُناوِر أقلام المُخبِرِين، وكَتبَةِ التقارير.
مرحلة الشهيد محمّد الصدر (قدّس) لا يُمكِن أن تُقرَأ عن بُعد، ولا يُمكن أن تُفهَم بالعناوين، فهي مرحلةٌ لم يكن بالإمكان أن يُقال فيها كلُّ شيء، ولم يكن الفضاء مُتاحًا لشرح كلِّ شيء..
هي مرحلة من مراحل الضرورة الدينيّة الإجتماعيّة والسياسيّة، وقراءتها من موقع الاسترخاء قراءة ظالمة، وبعيدة عن الموضوعيّة.
رضوان الله تعالى على السيّد الشهيد محمّد الصدر، وعلى أستاذه الفذّ نابغة الأمّة وفريد عصره السيّد الشهيد محمّد باقر الصدر، وعلى العلويّة العالِمة الأديبة الشهيدة بنت الهدى، والسلام عليهم يوم وُلِدُوا ويوم استشهدوا ويوم يُبعثون أحياءً شاهدين على أمّتهم ومظلوميّتها، ورحمة الله وبركاته.
____________________
#قبسات 📝 #حسن الحسيني
القياس:
596 x 477
حجم الملف:
40.71 Kb