رزق فهمى ابو عويس حكاية حب الزمان كان منتصف ثمانينات القرن والمكان معرض الكتاب في ثوبه الحقيقي لا المجتلب وكنت قد صحبت خمس من طالبات وطلاب الثانوية العامة في طقس كنت احرص عليه دوما كل دورة للمعرض في مكانه بمدينة نصر كان الطلاب والطالبات متفوقين ومتفوقات ومامول فيهم الخير غير انهم جميعا كانوا يتوقفون بمعيار الذهنية التي تشكلت عند مفهوم ان القصة تنتهي عند يوسف ادريس والرواية عند نجيب محفوظ بينما يعد حافظ وشوقي وسدنة عمود الشعر الفصيح المقفى كلمة النهاية في مسيرة الشعرية العربية نافين تماما فيما يشبه القطيعة كل ابداع عامي معتبرين بيرم وفؤاد حداد وجاهين ونجم والابنودي وسيد حجاب مجرد قوالين رجازين بلهجات محلية وكنت بدوري في الحصة الدراسية بما حصلت وحفظت وفهمت واحببت وحملت من كتب لهم مستعينا بالعصف الذهني وحصص المكتبة وما يضمه مقررالادب في الكتب المدرسية بل واستضافة اخرين وفقرات الاذاعة المدرسية اجتهد بمزيج من منهجية وحماس لنفي ما استقر في ذهنياتهم من انطباعات كان استقرارها قد بلغ حد اليقين والمطلق بفعل مناخ تعليمي نقلي يعادي كل متغير وينحاز لكل مطلق ثابت فعادات السادات هي سادات العادات وليس في الامكان ابدع مماكان وكانت ريدكالية سياسية واعلامية واجتماعية بل ودينية تغذي ذلك بوضوح غير اني اعتبرت اصطحابي لمعرض الكتاب لخمسة متفوقين وتحمل نفقات اليوم وحثهم على اقتناء كتب سور الازبكية تلك الفكرة الخلاقة مع فكرة منفذ كتب الهيءة العامة للكتاب عشرون كتابا بخمسة جنيهات مع حضورهم فاعليات اليوم بالمقهى الثقافي وخيمة عكاظ الشعراء المتنوعة وفيها مثلا كان حظهم السعيد ان يشاهدوا عرضا مسرحيا لعمي بيرم التونسي ويجلسوا مجانا صف اول امام الممثلين الكبيرين احمد حلاوة واحمد صيام في عرض مسرحي حاشد هو العسل عسل والبصل بصل وعند ظهيرة شموسة ينايرية دافية وقد جلست بالمصادفة الجميلة لاجد محدثي هو العظيم سميح القاسم ومعه الشاعر الفياض نزيه خير وبعد قهوة شربناها وشايا اهداني الرجل نسخة ممهورة باهداء مفرح من ديوانه الدقيق الانيق الى عامورية ابي تمام وقد تعمدت ان اتركه بين ايدي طلابي الخمسة ليحدث اثره في امزجة تلقيهم البكر وفي سبيل اغراءهم قلت لهم اننا ممكن نحضر امسية شعر وغناء عن فلسطين للشاعرين الكبيرين سميح القاسم ونزيه خير كان هذا امام الشاعرين الجالسين معي في صدفة متعمدة مني وقد تعهدت بانني ساوصل الطلاب الخمسة حتى ابواب بيوتهم بعد العشاء ففرحوا وقبل الفاعلية تلك كان الشاب الاسمر النحيل معطش الجيم جنوبي الروح قد وصل امام المقهى الثقافي الذي يديره وينسق فاعلياته الكاتب الكبير من يومه ابراهيم عبد المجيد كنت اعرفه جدا من خلال ابداعاته الحالة السكندرية الانسانية الكوزموبلاتينية التي تنشد الخلاص بالحب والحرية من كل اشكال العنف والانغلاق والاحادية وحين صافحته صافحني بحب وقدم لي وللطلاب ست دعوات لزيارة المعرض خلال ايامه ووزعت الدعوات على الطلاب وبينما ندت ابتسامة جنوبية تفتر عن ثغر طفولي من الشاب الاسمر النحيل وقد اغوته شمس يناير الناعسة المنعسة فطلب شوية شاي يشربهم في الشمس فقال له عمنا ابراهيم عبد المجيد قم للندوة في المقهى والشاي ييجي عندك يا حسن ونهض حسن طلب ليشعل المقهى شعرا وتصوفا وحكيا عن ابن الرومي وتطيراته وشاعريته التي ناقضت حظوظه بل ويضيف بالقراءة الحسن طلبية جمالا لما انتقاه من نماذج احدثت حالة من السلطنة عند الطلاب عبر عنها احدهم وهويقضم رغيفا محشوا بالطعمية والباذنجان المخلل هو ينفع الواحد يقضي بقية ايام المعرض كلها هنا وحين قلت له طب والمذاكرة والبيت والمدرسة قال لي بحسم هنا هنا المذاكرة والبيت والمدرسة د حسن طلب انهض فكم احبك رزق فهمي محمد
في ألبوم: صور يوميات Molqqqaa
القياس:
550 x 389
حجم الملف:
42.21 Kb