أنس القاسم
في اب 10, 2022
30 المشاهدات
حنين الجذع شوقاً إليه !
كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يَخْطُبُ في الناس في مسجد مسْقُوف من جُذُوعٍ مِنْ نخل، فإِذَا خَطَبَ يخطب على جِذعِ نخلةٍ، فلمَّا صنعوا له منبراً، ووقفَ يخطبُ عليه، حنَّ الجِذعُ إليه، وأصْدَر صوْتًا فيه حُزْنٌ، وسُمِعَ له أنين المُشتاق، فجاءَه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ومسحَ عليه بيدِهِ الشَّريفةِ كالمُواسي لهَ فسكتَ أنينُه!
وكان الإمام محمد بن إدريس الشافعي: يقول "ما أعطى الله نبيًا مثلما أعطى النبي محمداً، فقيل له: أعطى عيسى إحياء الموتى، فقال الشافعي: أعطى الله نبينا محمداً حنين الجذع حتى سُمِعَ صوتُه، فهذا أكبر من ذلك".
فهذا الجذع يحنَّ لرسول الله، ويصْدَر صوْتاً فيه حُزْنٌ، وسُمِعَ له أنين المُشتاق، ويبكى حزناً على فراقه، حتى مسح عليه رسول الله بيده الشريفة كما تفعل الأم مع طفلها الذي يبكي، حتى أخذ الجذع يهدأ شيئاً فشيئاً حتى سكت.
فأينَ يدكَ الشريفة يا رسول الله لتمسح بها على قلوبٍنا، وأينَ وجهكَ ننظرُ إليه فنكحل أعيننا بنوره، وأين صوتكَ نسمعُهُ فنرتوي!
نتشوق لو كنا في مكة يوم نزلتَ من الغارِ ترتجفُ من هولِ الوحيِ لنضُمكَ لصدورنا، ونتشوق لو كُنا معكَ يوم الطائف فنكون لك درعاً حامياً فتُصيبنا الحجارة بدلَ أن تُصيبك، ونتشوق لو نمنا كلنا مع علي بن أبي طالب في فِراشِكَ لنَفديكَ بأرواحنا، ونتشوق لو رافقناكَ مع أبو بكر الصديق في هجرتِكَ، ونتشوق لو كُنا معك َفي شِعب أبي طالب لنُطعمكَ بأيدينا، ونتشوق لو كُنا معكَ يوم بدر لنقول لكَ كما قالَ الأنصارُ: واللهِ لو خضتَ بنا برك الغمادِ لخُضناه معكَ وما تخلَّفَ منا أحد، ونتشوق لو كُنا معكَ يوم أُحُد لنقول للرُّماةِ: نستحلفكم بالله لا تبرحوا أماكنكم، ونتشوق بالدفاعِ عنكَ ونفديك بأنفسنا كما فعل الصحابة، ونتشوق لو كُنا معكَ يوم الحُديبية لنقول لكَ نحن جُندك في السِّلم والحرب، ونتشوق لو كُنا معكَ في حجةِ الوداعِ لنسمع وصاياكَ بصوتِكَ، ونتشوق لو كُنا في المدينةِ المنورة يوم وفاتِكَ لنبكيكَ ونُخبركَ أنَّ فِداكَ أنفسنا وآباءنا وأمهاتنا وأولادنا وأموالنا!
نُحِبُّكَ يا رسول الله، واللهِ نُحِبُّكَ، وما تخلَّفنا عنك بإرادتِنا ولكنَّها مشيئة الله فرَضِيْنا بها، نشهد أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في سبيل الله حتى أتاك اليقين، يعز علينا أننا ما رأيناك، ولا كحلنا أعيننا بنور وجهك، ولكن العزاء الذي عزيتنا به يرضينا، موعدكم معي ليس الدنيا، موعدكم معي عند الحوض!
بقلم: أنس القاسم
القياس: 1280 x 1280
حجم الملف: 290.41 Kb
أعجبني (5)
جارٍ التحميل...
5