أَبْـرار 🕊:لقد دخل رسول اللّٰه (صلّىٰ اللّٰه عليه وآله) إلىٰ عالمٍ كان أبو سفيان فيه سيّدًا بماله ونسبه وبياضه، وكان بلالٌ فيه وضيعًا لفقره ونسبه وسواده.. ولم يخرج من هذا العالم إلّا وقد رفع بلالًا بإيمانه فوق أبي سفيان.وُلد في أقسى بيئةٍ، وسط أقسى وأجلف أنواع البشر، تُذكّرني بعض أوصافهم المذكورة في كتب التاريخ والسيرة، بيأجوج ومأجوج، أشرس الكائنات طباعًا وغلظةً... يُقال أن البشر يرثون طباعهم من بيئتهم، والصّحراءُ إرثها قاسٍ، مثل رمالها، جفافها، قساوة شمسها، وحدّة بردِها، وقلّة الماء والموارد فيها! فهل تتخايلون ماهية الإنسان الأناني التي قد تُنتجه بيئة كهذه؟ وهل تتخايلون طبيعة الكائن البشري وجوعه الشرس فيها؟ ثأر، حروب، مبارزات، شهوة الرئاسة والوجاهة، امتلاك للغة رفيعة، تكبر، عنجهية، هجاء، مديح، وجاهات، محادل بشرية تطحن عظام الضعفاء والنساء، دجل، كذب، خواء، وعاهات وأمراض... أنانية وأنانية... وسط تلك الحقبة، وفي منتصف ظلمة حالكة، وتربةٍ مالحة جافة، نبتَ برعم من الورد الجوريّ الأحمر. شامةٌ من العطر على رقبة الليل الممتد ... ميم... ماء... مسك... منهل... ماء... ماء فوارة في عمق الصحراء: محمد... المحمّد... المصطفى... الأحمد... اللطيف... رجلٌ من خيرة الرجال... يمدُّ يده الرّحيمة ، ويرفعُ البنات من قبور الوأد. يمدُّ يده الحكيمة، ويرفع المرأة لتجلس قربه، وإلى جانبه. يمدّ يده ويساوي بين البشر جميعًا، حضارة الإنسانية أننا متساوون كأسنان المشط، لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى... رجلٌ مضيءٌ بطبعه وصفاته، أينما وضع قدمه، تفجر نبعٌ من الصفات والبركات لم يسمع بها أهل قريش سابقًا:الصادقُ الأمين، الذي لم يمس الكذب لسانه، ولا باطنه. رجلٌ وسيمٌ، حادّ الذكاء، متوقد الجمال، ناصع الابتسامة.. رجل لم يقرب الأصنام... رجلٌ تيتّم باكرًا ورغم ذلك فقد تمتع بشخصية غاية الاتزان والحكمة واللطف. رجل يرفق بالحيوانات، وسط مجتمع كان يسيء معاملة البشر! رجل لا يتكلم كثيرًا، رغم ذلك، فإنه كان من أكثر المؤثرين وجودًا.. كثير التأمل، خفيف المؤونة، لطيف إلى حد يحيلُ من يقابله إلى ابتسامة ودمعة معًا ! متوهج الحضور، خليط ما بين الهيبة والجمال والوداعة. لم يتوان عن العمل، عن مساعدة النساء والايتام والأرامل... عن الطبطبة على قلوب المحزونين... عن رد الروح لمن سُلبت روحه... حمل على ظهره أذى المقربين برفقٍ، وبشجاعة الفرسان حارب الأعداء. أُلقيت عليه الحجارة خلال صلاته وتهجده، والأشواك في طريقه، وكان يقابلهم بابتسامة ودعاء بالهداية. كانت رسالتهُ أن يكون القدوة. كانت رسالتهُ أنه الأكمل أخلاقًا... وأن كل شيء قابل للتغيير مهما قسا. ألم يحوّل فظاظة الصحراء إلى واحة للدعوة؟ ألم يزرع الشجر؟ ألم يصبح النخيل من خيرة الأشجار وألذها ثمرًا، وأعظمها بركة؟ محمد الذي أنقذ عصفورًا... محمد الذي حفر آبارًا..محمد الذي كان سببًا في إحياء النساء والرجال.. والأطفال.. محمد الذي كان يحبّ العطر... وكان يُعرف من رائحته الحلوة. محمد الذي حمل عن النساء حاجيات بيوتهن تحت القيظ.. محمد الذي كان لا يصدر عنه سوى طيب التصرف والكلاممحمد التفكر في غار حراء محمد الزوج الحبيب الذي أسس أجمل العائلات على الاطلاق. محمد والد فاطمة تفاحة الجنة... محمد الرحيم... الرحمة التي أرسلت للعالمين.. ولا زلنا نسيء إليه يوميًا.. حين نفهم دعوته بما يناسب أنانيتنا... وننسى أن روحها كانت الرحمة والخلق الحسن! محمد حبيب الروح.- أمل ناصر ✍🏻“ إنّ لكُل دينٍ خلُقاً ، و خُلُق الإسلام الحَياء “. • رسول الله (صلى الله عليه وآله)• ميزان الحكمة ، ج١ ، ص٧١٧
في ألبوم: صور يوميات زهرة النرجس
القياس:
1080 x 1080
حجم الملف:
82.47 Kb