✨ اللّهُمّ حَبِّبْ إِلَيَّ صُحْبَةَ الْفُقَرَاءِ ✨
"اللّهُمّ حَبِّبْ إِلَيَّ صُحْبَةَ الْفُقَرَاءِ، وَأَعِنّي عَلَى صُحْبَتِهِمْ بِحُسْنِ الصّبْرِ" (الدعاء 30 من الصحيفة السجّاديّة، دعاؤه عليه السلام... عرض المزيد✨ اللّهُمّ حَبِّبْ إِلَيَّ صُحْبَةَ الْفُقَرَاءِ ✨
"اللّهُمّ حَبِّبْ إِلَيَّ صُحْبَةَ الْفُقَرَاءِ، وَأَعِنّي عَلَى صُحْبَتِهِمْ بِحُسْنِ الصّبْرِ" (الدعاء 30 من الصحيفة السجّاديّة، دعاؤه عليه السلام في المعونة على قضاء الدَين)
حَبَّبَ إليه الشيء: جَعَلَهُ محبوباً لديه، ولمّا كان في التحبيب معنى إنهاء المحبّة وإيصالها إليه استُعمل بكلمة "إلى"، أي: ألهمني بلُطفك محبّة صُحبتهم، أي: معاشرتهم والارتباط بهم.
ولمّا كانت النفوس البشريّة مجبولة على بغض الفقر وكراهيّته، نافرة من صُحبة الفقراء ومعاشرتهم
سأل عليه السلام ربّه أنْ يُحبّب إليه صُحبتهم، بأن يجعلها ملائمة لقلبه ليكون مائلاً إليها، إذ كانت المحبّة: ميلُ القلب إلى ما يُلائمه
وذلك لما في صُحبتهم من:
▪️ رياضة النفس وتحليتها بالتواضع والتذلّل
▪️ والتأسّي بهم في القناعة باليسير من حطام الدنيا والرضا بالقليل من متاعها
▪️ وصيانة النّفس عن الانهماك في شهواتها ولذّاتها
▪️ وترك طلب المنزلة والجاه والكرامة فيها
▪️ وقلّة الحرص على طلب الحاجات والأوطار منها
▪️ وترك الخلطة مع أبناء الدنيا الراغبين فيها
▪️ والتفرّد في الخلوات وكثرة ذكر الموت وفناء نعيم الدنيا وزوال ملكها
▪️ والنظر إلى آثار القرون الماضية، والاعتبار بها وبالمباني الخَرِبَة والمنازل الدارِسَة والمعالم العافية للأمم الخالية، لنزولهم بها غالباً، واعتباراتهم تصاريف الزمان ونوائب الحدثان
▪️ واليقين بأمر المعاد وشدّة الشوق إلى نعيم دار القرار مع الأبرار، من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقاً
ولذلك أمَرَ الله سبحانه حبيبه المختار من خيار خلقه، بصبره نفسه معهم وحبسها على صُحبتهم ومجالستهم، فقال في مُحكم كتابه: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)} (سورة الكهف)...
وكان علي بن الحسين عليه السلام -صاحب الدعاء- كثير المجالسة للفقراء، حتّى قال له نافع بن جبير: إنّك تُجالس أقواماً دوناً، فقال له عليه السلام: "إنّي أجالسُ مَنْ أنْتَفِعُ بمجالسته في ديني".
📗 من كتاب "رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين الإمام علي بن الحسين عليه السلام" للسيّد علي خان الحسيني المدني الشيرازي رضوان الله تعالى عليه الجزء الرابع الصفحة 355 وما بعدها