------------------------------
قاعدة الملازمة بين الحكمين .
عباس الاعرجي .
... عرض المزيد------------------------------
قاعدة الملازمة بين الحكمين .
عباس الاعرجي .
قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع .
المعنى : معنى القاعدة هو قولهم : كلما حكم به العقل حكم به الشرع ، فإذا حكم العقل بوجوب شيئ مثلا حكما قطعيا مستقلا ، لابد من حكم الشرع به أيضا ، لعدم الانفكاك بين الحكمين ، وبحسب الحقيقة .
والسؤال هنا ؟
إذا حكم العقل بحسن شيئ ، أو بقبح شيئ ، هل يلزم منه عقلا ، حكم الشارع على طبق ما أدركه العقل أو لا ؟
أو بتعبير آخر
إن إدراك العقل لاشتمال شيئ على مصلحة أو مفسدة ، هل يلزم منه عقلا ثبوت الحكم الشرعي على طبق ما أدركه العقل .
والجواب : إن العقل يدرك ولو بنحو الموجبة الجزئية حسن بعض الأفعال وقبح بعضها ، وهذا معناه حكمه او إدراكه لمدح فاعل الحسن ، وذم فاعل القبيح ، ولابد حينئذ من مطابقة الحكم الشرعي للحكم العقلي ، وعدم تعقل تخلف الحكم الشرعي عن ذلك .
لان العقل هو الطريق إلى الإيمان ، ولا يمكن أن يكون إيمان إلا بالعقل ، وقد استثنى سبحانه الطفل والمجنون والنائم ، من التكليف تبعا لذلك ، والقاسم المشترك بينهما هو غياب العقل كليا او جزئيا .
ولو تأملنا كتاب الله ، وتدبر آياته ، فسنجده يذم في مواقع كثيرة ، طريقة تعامل الامم السابقة ، مع انبيائهم المستندة إلى شعار " حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا " ، أي انهم لم يبحثوا في أدلة ادعاء النبوة بعقولهم ، بل استندوا إلى طريق التقليد التي لاتوصل إلى اليقين ولا إلى الإيمان .
فالعقل له مكانته المحفوظة في الإسلام ، فهو مناط التكليف ، وآلة الفهم ، والإدراك ، وهو إحدى نعم الله العظمى على الانسان ، والآيات القرآنية الكريمة كما قلنا ، حافلة في تقدير وتقييم العقل والحث على التدبر ، والتفكر ، والنظر ، والاستنباط ، والاستدلال .
ولكن احترام الانسان بعقله ، لا يعني تقديسه ، والتعصب لآرائه ، والاغترار بها ، والجرأة في الخوض في الأمور ، دون بحث ولا تروً ، أو القول بلا علم ولا تمحيص ، أو الخوض في غير اختصاصه دون تأهل .
وفي الحقيقة لا يوجد شرع مخالف للعقل ، بل إن المسألة لاوجود لها أصلا ، لأن الموجود الوحيد ، هو فهم معين للنص ، يخالف فهم آخر للنص ، أي أنه عقلي يخالف انتاجا آخر .
والمسألة هي صراع عقول ، وليس صراع عقل ونقل ، أو تعارض عقل ونقل ، فلا تعارض بين الشرع القويم ، والعقل السليم ، فكل مصلحة خالصة ، أو خلق جميل ، حث الإسلام عليه ، وكل مفسدة او خلق سيئ نهى الإسلام عنه ، فاختلاق الصراعات بين الشرع والعقل لا أساس له .
وكيف ما كان فقد ذهب مشهور الأصوليين إلى ثبوت الملازمة بين حكم العقل العملي وحكم الشرع ،
او لنقل تحقق التسالم بين الأصوليين على مدلول القاعدة ( كلما حكم به العقل حكم به الشارع ) .
حيث اتفقت كلمة علماء المسلمين جميعا ، على وجود صفة ثابتة في ذات الأفعال يمكن للعقل أن يدركها ، وأن النقل يوافق العقل ، فلا ينهى النقل عن شيئ إلا والعقل يدرك فيه صفة قبح كانت سبباٌ للنهي ، وبالمثل لايأمر بشيئ إلا والعقل قد يستبين صفة الحسن فيه .
والمراد من حكم العقل هنا ، هو كشفه عن الحكم الشرعي ، لا إنشاء الحكم ، كما قال سيدنا الشهيد الصدر رحمه الله .. أن دور العقل بالنسبة إليه دور المدرك ، لا دور المنشئ والحاكم .
ولكن تبقى الإشارة ، إلى أن تحديد مسارات العقل والنقل ، من مواطن الاختلاف الشديد بين الاتجاهات الإسلامية قديمها وحديثها والدائرة بين من يقيد حركة العقل بقواعد معيارية حاكمة ، وبين من يطلق العنان للعقل تدبرا واستنباط ، طلبا لتحقيق مصالح العباد كما جاءت بها الشريعة .
وفي مقابل هذه الدعوى ، أنكر جمع من الإعلام ثبوت هذه الملازمة .
---- ------------ --------------