عائشة العزيزي
قصة قصيره
#خاوية القلب... عرض المزيدعائشة العزيزي
قصة قصيره
#خاوية القلب
فى مساء كل يوم تجلس تلك المرأة فی حديقة القصر، تضُم الى ثديها دمية لترضعها .
مما جعل الخادمة تتعجب من فعلها، فما تعرفه عن مولاتها انها، عاقله، لطيفه، جميلة، لكنها دائماً شاردة، عبوسة الوجه، مُدمعة العينين.
اندهشت الخادمه لحالها كثيرا !. أخذتها الجرأة لتسأل عن سر بكائها الدائم.
اجابتها السيده بتنهيدة، وكأنها تخرج من بئر عميق. قالت:
ـ آآآآآه...يا(مديحه)، حتی لو اخبرتك، فلن تفهمينني.
رددت الخادمه، وقلبها مملوء بالشفقة عليها، قائلة:
ـ جربی ياسيدتی، فلن تخسري شيء، افصحي عما فی صدرك، فرُبما ينزاح ما الم بكِ من هم.
وبصوت يئن وجع، ودموعها التی اربكت عينيها، كأنها حرب حشدت لها كل نحيب البشر، ليشهدوا علی إدماء قلبها ورجمُه، قائلة :
- منذ عشرة اعوام، تزوجت من رجل طيب القلب ، شهم الطبع، أحبنى كثير، كنت القی حبه بفظاظة قلب، بكبر واهمال، كنت معه سيئة الخلق، للحد الذی يجبره علی الابتعاد، لكنه كان مُتيم بی...... ،
لم تستطع ان تُكمل كلامها، علیَ صوتها بالبكاء . اسرعت الخادمة فی اعطائِها كوب ماء، ثم ربتت علی كتِفها لتواسيها، تطلب منها السماح، لأنها اشعلت النار بقلبها. مسكينة تلك الخادمة، لاتدری ان النار لم تنطفئ حتی تشعلها. واصلت السيده قولها :
- كنت اتشاجر معه لأتفه الاسباب، كانت الطامة الكبرى عندي، اذا حدثني عن الانجاب، بسرعه اغلق الموضوع، أُقدم له اعذار لا قيمة لها. و لأنه يُحبنى كان يحتمل منی اي شيء.
قالت الخادمة فی دهشه :
-اذا !، لماذا ابتعد عنكِ يا سيدتی ؟.
- هو لا يعرف، اني كُنت أُجهض نفسى فی كل مره، خوفاً علی رشاقتی من الحمل والولاده .
واصلت قائله، بعد ان مسحت دموعها بمنديله، أخر ما تبقی لها من ذكراه :
ـ مع كثرة الحاحه، انجبت طفلة كضي القمر، ولكنها، أفلت عني .
ظلت الخادمه تستمع بانصات شديد، علامات الحزن والحيرة تكسو وجهها.
اكملت السيده حديثها :
ـ عندما اتت تلك المليكة الصغيرة الی حياتنا، كنت اتركها للمربية، واخرج للتنزه مع صديقاتى، اللاتى لم تنهُرنی احدُهن علی اهمال بيتی قطِ، كنت أُضيع عليهن امواله .
- ذات مساء، نشبت بينی وبينه مشاجرة ناريه، اتهمنی بالتقصير، طالب بحق ابنته والاهتمام بها.
مشت لخطوات نحو ارجوحة ابنتها،ثم احتضنها ومسحت عليها،كأنها تشتم رائحة صغيرتها بها:
ـ أُقسم لكِ، انه لم يطالبنی بحقه مره، ومع ذلك أتهمته بكل حماقة، أنه يريد أن ينزعني حقي بالحياة .
ـ فجأه سمعنا صراخ الطفلة، التی اتمت العامان. اسرع هو ليراها ملقاة بالارض، رأسها تنزف بالدم، ركض بها الی المستشفی.
شهقت الخادمة ، رُبما ظنت ان الطفله ماتت، ثُم ابتلعت ريقها، ثُم قالت :
ـ اكملِ سيدتی، هل الطفله بخير ام ..... .
واصلت المذبوحه بسكين فعلها، قائله :
ـ بعد ساعة تقريباً، خرج الطبيب من العمليات. قائلاً:
- الحمد لله انقذناها بالوقت المناسب، لو تأخرتم دقائق لماتت.
ـ كان هو يبكی كالاطفال، وكانت حرارة الموقف تُشعل قلبی وجسدي بالحميم .
ـ اعلم اني استيقظت من غفلتى متأخر، بعد ان ضاع زوجى و ابنتى .
اضافت الخادمه بنبرة شديدة الحزن :
ـ اين ذهبوا اذاً، ياسيدتی؟.
ـ هاجر بها الى بلد لم اعرفه، بعث لي ورقة طلاقي ورسالة، كتب الي فيها :
"لقد هدم طيشك بيتنا، كانت ابنتي ستضيع، لذلك فررت بها، قبل أن اموت حسرة عليها يا خاوية القلب. عودي الی صديقاتك، واتركِ الحياة لأبنتی تنعم بها".
ـ من يوم ان تركني، وانا علی هذا الحال ،اندب حظی، بعد ان ضيع غبائي كل شئء.
نظرت الی الدمية التی تحتضنها، تبكی ودموع الحسرة تهطل كالمطر علی وجنتيها ، قائله:
ـ حتى دُميتها أشعر انها ترفضنى، كما رفضتُ احتضان صاحبتها من قبل .
نظرت الخادمه اليها فی حسرة،ثُم قالت:
ـ لقد اضعتِ كنز، كان غيرك يبحث عنه، وهدمتِ بيت كان غيرك يحلم به، اعلمى سيدتى حالك نتاج فعلك، خذلوكِ جليساتك، فأتخذتكِ الوحدة جليس، انتِ الأن ترتشفين كأس أهمالك، بعد ان اهلكتِ قصر من الحب، هذا حال كل من غرتها نفسها، وسمعت لشيطان عقلها، يا سيدتی .
بقلمی/
عائشه العزيزي