المدونات
صلاح الاركوازي
فلسطين ... هي القضية التي انطلق منها وتمحور حولها يوم القدس العالمي، ذلك اليوم الذي حدده مفجر الثورة الاسلامية الايرانية الراحل الامام الخميني (رض)، في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك من كل عام ومنذ عام 1979.
واهم كل من يتصور بان ابناء الامام الخميني ( رض) وخريجي مدرسة العشق الحسيني بانهم عندما لم يحيوا هذه في هذا العام يوم القدس بالنزول الى الشوارع بسبب جائحة كورونا هو نسيان للفلسطين كلا والف الف كلا ، لكن الجائحة كانت السبب، اِن السائرين على خط الامام ( رض) عاهدوا على انفسهم باحجياء هذه المناسبة وان اسم فلسطين ومظلوميته كان قد حفرها الامام رض في قلوب وعقول كل المقاومين والمحبين .
فقبل اربعة عقود وتحديدا في شهر اب من عام 1979 م بعد ستة اشهر من عودة الإمام الخميني قدس سره التاريخية الى ايران وبعد اربعة اشهر من قيام الجمهورية الإسلامية اعلن يوم القدس العالمي، مما يؤكد على مدى حضور هذه القضية وعلى حيّز الاولوية الذي شغلته في فكر الإمام ( رض) ، ففلسطين وقضيتها باتت تتصدر اولويات سياسات الجمهورية الاسلامية في ايران، ومع مرور الوقت اخذت ابعادا عالمية شاملة، سياسيا واعلاميا وانسانيا، وباتت تحظى باهتمام اكبر وتعاطف اكثر.
'ان الامام الراحل الخميني (قدس سره) كان قد شخص كل ذلك بدقة، واليوم بدأت كل هذه الاقنعة تتساقط، فهاهم اخوة الامس اعداء اليوم و الايام والاحداث المتتالية والمتسارعة في العالم الاسلامي، اثبتت وبلا ادني شك صحة وصواب نظريات واقوال الامام الخميني (رض)، حيث ان كل المعطيات والدلائل اثبت تورط الاستكبار العالمي وبالتعاون مع من هم محسوبين علي الاسلام من الاعراب، واثبتت انهم لايريدون خيرا لعالمنا، وان المتاجرين بالقضايا الاسلامية والمصيرية سوف تكتشفهم الايام ، حيث'وبالفعل هاهم الاعراب يتساقطون في احضان اميركا التي وصفها الامام الراحل بالشيطان الاكبر، واحدا يلو الاخروهم صاغرون، لا بل يتسابقون في منحها المليارات كي تذبح هي وحليفتها أسرائيل ومعهم دول الاستكبار، الفقراء والمظلومين، ولم تعد المؤامرات علي القضية الفلسطينية خافية. ولعل اخر ماطالعناه هو الوثيقة التأريخية التي نشرتها بعض الصحف الاميركية، التي تؤكد دعم حكام السعودية لاتفاقية كامب ديفيد المشؤومة، فخيانه الاعراب ليست بجديدة، والتأريخ يعيد نفسه، لكن بمسميات وثياب جديدة، وهي الاخطر'.
فعندما اعلن اخر جمعة من رمضان يوما عالميا للقدس، وكأن شاهد الحال يقول، ان الايام والسنين ستكشف ان من يبيعون فلسطين هم احفاد معاوية ويزيد وليس احفاد سلمان المحمدي (رض)، واليوم نشهد مظاهرات يوم العودة وسقوط عشرات الشهداء والاف الجرحي من الشعب الفلسطيني الاعزل، وفي المقابل فأن حكام الخليج ووعاظ سلاطينهم يعطون شرعية ومسوغا للكيان للصهيوني بقتل الفلسطينيين، وهدم بيوتهم، ومباركتهم العلنية او السرية والتصريحات المتناغمة عن ان عدونا واحد وهو ايران والتشيع، لا بل اعتبار حركات المقاومة الفلسطينية والعراقية واللبنانية منظمات ارهابية، وما خفي كان اعظم، وهذه كلها دلالات تكشف الوجه الحقيقي لمن باع القضية، ووجه من دافع او هو المدافع الحقيقي والوحيد عن القضية'.
ان اختيار الامام الخميني (قدس سره الشريف) يوم الجمعة الاخير من شهر رمضان يوما عالميا للقدس، اعطى بعدا دينيا استراتيجيا كون هذا الشهر مهما يختلف المسلمين فانه باق ما دامت السموات والارض وله قدسيته، فالامام الخميني ربط الجانب السياسي بالجانب الروحي، وفي نفس الوقت جعل القضية الفلسطينية من اولويات الحكومة الاسلامية وكل حركات التحرر، وكانه اراد ان يوصل للعالمين العربي والاسلامي رسالة مفادها بانه سياتي اليوم الذي يبيع الاعراب هذه القضية، وبالفعل فان وزير الخارجية السعودي يتهم حركتي حماس والجهاد بالارهاب، اي ان القضية الفلسطينية اصبحت قضية وسائل اعلام فقط، ونلاحظ ان بعض الدول العربية وبشكل علني جعلت من الجمهورية الاسلامية عدوا واسرائيل اصبحت صديقة العرب، فقد تحول شعار الموت لاسرائيل الى الموت للشيعة وايران و"الصفويين"!.
'لذلك فان اختيار الامام الراحل اخر جمعة من رمضان لما لهذا اليوم وهذا الشهر من قدسية عند المسلمين، وهو بذلك اعطي بعدا شرعيا ودينيا واخلاقيا وسياسيا للدفاع عن القضية الفلسطينية والصمود بوجه اعدائها والمتامرين عليها، وهو ما لم يفعله غيره.
ان فلسفة يوم القدس في فكر الامام اراحل ( رض) تعني رفض كل اشكال اغتصاب الارض، وانتهاك المقدسات والحرمات، وتشريد شعب، عبر تزييف التاريخ واختلاق نظريات وعقائد دينية لا اساس لها من الصحة. وستبقى القضية فلسطين باقية في وجدان الشرفاء والمخلصين كما اعلنها وارادها الامام الراحل رض من يوم القدس العالمي والذي لم يكن خاصاً بالمسلمين، بل يوماً عالمياً، ولعل في ذلك اشارة الى اعطاء الإمام للقضية بعدها العالمي، كنموذج للصراع بين الحق والباطل حيث قال قدس سره: "ادعو جميع مسلمي العالم الى اعتبار اخر جمعة من شهر رمضان المبارك التي هي من ايام القدر ويمكن ان تكون حاسمة في تعيين مصير الشعب الفلسطيني يوماً للقدس، وان يعلنوا من خلال مراسم الاتحاد العالمي للمسلمين دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم". فكلام الامام رض هو امر تعبوي متعلق القدس ، وانه وسيلة لاستذكار مظلومية هذه المدينة المسلمة، المغتصبة من قبل الصهاينة، ولتبقى القدس قضية حية، في وجدان الامة الاسلامية ، واليوم فان الامام الخامنئي دامت توفيقاته يحمل نفس الرايه ويسير على نفس نهج الامام الراحل ( رض) ونفس الهم والشعار ولا تراجع عنه فالاثنان من نفس وهي مدرسة الامام الحسين ( عليه السلام) ، ولكن في الجهة المقابلة نجد ان الاستعداد والاموال التي تدفع لصفقة القرن هي خليجية عربية بحتة والادهى من كل ذلك انكارهم للاية الصريحة (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا......) نقولها وبصراحة لكل المتاجرين والمتامرين بان التاريخ سوف يلعنكم ولن يرحمكم وسوف تكون لكم وقفة طويلة وشديدة امام محكمة العدل الالهي وان موعدكم الصبح اليس الصبح بقريب واننا لم ولن نخشى قوى الاستكبار وتهديداتهم فنحن بنوا قوم اذا هددتمونا بالحصار الاقتصادي فنحن ابناء شهر رمضان واذا هددتموننا عسكريا فنحن ابناء عاشوراء واذا هددتمونا بالقتل فان القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة.
فهل يوم القدس ممكن ان يفهم منه على انه امر تعبوي متعلق بمدينة القدس وحدها؟
اليوم في كل بقعة فيها اطماع وايدي امريكا والصهيونية وخدمهم هي قدس جريجة اخرى سوريا هي القدس واليمن هي القدس
اي ان هذا العنوان الرئيس لهذا النشاط الروحي والتعبوي، والذي يمارسه الشرفاء على مساحة الامة كلها، لكن تفس هذا العنوان الكبير تنضوي تحته، عشرات العناوين الفرعية، فمظلومية الشعب البحريني، واحدة من بين"اقداس" الامة، وفي سوريا ثمة "قدس" اخرى، تحتاج الى وقفة تعبوية، مثل التي نقفها في اخر جمعة رمضانية ،وفي اليمن الجريحة والنازفة ما زال التحالف الاجرامي، الذي تقوده مملكة الاشرار الوهابيين السعوديين، يلقي حمما من طائراته بلا هوادة، على افقر شعب بالعالم، لا لشيء، الا لان هذا الشعب يحب الحياة، ولانه يريد ان يعيش عزيزا كما كان ابدا، ولان ابناء هذا الشعب يشهدون بالولاية لال بيت الرسول ص واله
لذلك نستطيع ان نقول وبكل فخر وباعلى صوتنا "ان يوم القدس الذي اعلنع الامام الخميني رض هو من ايام الله ولا نجد تعبيرا جامعا اكثر مما عبر عنه صاحب المبادره الامام الراحل قدس سره الشريف، من انه يوم الاسلام، بل يوم احياء الاسلام".
فاصبح اعلان الامام رض ينطوي على بعد معنوي كبير، تم استثماره على امتداد 41 عاما افضل استثمار، وهي بالتالي ساهمت كحدث عالمي بارز والقت الاضواء التي ساعدت في ابقاء القضية الفلسطينية متصدرة للمشهد العالمي انسانيا وسياسيا واجتماعيا ...,. الخ ،، ومنحها المزيد من التعاطف والتأييد، لا في صفوف الجماهيرفقط، وانما في داخل الكثير من اوساط النخب الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية، وحتى في محافل مهمة ومؤثرة في العالم الغربي".
نشر في: المجتمع
المواضيع:
يوم_ادقدس_العالمي
كن الشخص الأول المعجب بهذا.