yakdhom
بواسطة في كانون الثاني 7, 2022
69 المشاهدات
بقلم : سمية علي
ينطبق ما قاله المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس عن أن “التقدم في محادثات فيينا بطيء للغاية، مقارنةً مع سرعة تقدم البرنامج النووي الايراني”، مع واقع ايران النووي لعام 2021. يدرك الأخير ومن خلفه كيان العدو الاسرائيلي هذه الحقيقة جيداً، تقلقهم، رغم تأكيد ايران المستمر على سلمية برنامجها، فيحاولون ممارسة المزيد من الابتزاز والضغط من بوابة فيينا والأطراف الأوروبية المفاوضة، والهدف الوحيد فرملة تقدم طهران النووي دون تقديم أي ضمانات جدية في ما يتعلق برفع العقوبات.
في المقابل، أتقنت طهران خلال العام المنصرم، الذي شهد سبع جولات من محادثات رفع الحظر، لعبة شد الحبال بطريقة تضمن مصالحها المحقة. أعلنت قبل انطلاق جولات التفاوض عن إنتاج أول كمية من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة، لتبدأ بعدها بتقليص تعاونها مع الوكالة الدولية وتمنع الزيارات المباغتة للمفتشين الى منشآتها النووية، لتعود بعد خوض أكثر من جولة في فيينا، تحديداً في أيلول/سبتمبر، للإعلان عن اتفاق مع الوكالة الدولية على تركيب بطاقات ذاكرة جديدة في كاميرات مراقبة المنشآت النووية.
تعرف الجمهورية الإسلامية جيداً إذاً متى تُصعدّ ومتى تبعث بإشارات ايجابية، من الواضح أنها لا تريد اتفاقاً هشّاً، لكنها وحتى تحصيل مكتسبات معينة أو الخروج باتفاق يعوّل عليه، لم تضيع وقتاً خلال 2021، إن كان على الصعيد العلمي أو العسكري أو حتى الحضور الاقليمي، لجهة الاتفاق الاستراتيجي مع الصين أو استضافة المحادثات الأفغانية أو لعب دور فعال في النزاع بين ارمينيا وقره باغ.
شهران فصلا بين الجولة الأولى من مفاوضات فيينا وفوز السيد ابراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية. في نيسان/أبريل، انطلقت الجولة الأولى من المفاوضات النووية، وانتهت بأجواء “لا تفاؤلية ولا تشاؤمية”، حسبما أعلن المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي، كما أكدت حجم التحديات التي تؤطر هذه المحادثات، وأبرزها محاولة الولايات المتحدة الخروج باتفاق “أكثر شمولاً” أي يقيد حركة ايران النووية ويجعلها أكثر تحت المجهر الدولي، ورفض رفع العقوبات قبل ذلك، وهذا ما ترفضه الجمهورية الإسلامية تماماً.
قبل هذه الجولة وبعدها لم تأل طهران جهداً في تطوير قدراتها الدفاعية والهجومية والعلمية وحتى الصحية (لقاحات كورونا)، وفي ذلك رسالة واضحة للغرب مفادها: نحن قادرون على الاستمرار والتقدم بالرغم من عقوباتكم، وبالتالي فلن تؤثر علينا محاولات عرقلة المحادثات وسياسة تمرير الوقت. وفي هذا السياق، افتتحت الجمهورية الإسلامية عام 2021 بمناورات للقوات البرية والبحرية والجوية، إزاحة الستار عن احدى القواعد الصاروخية في شواطئ الخليج الفارسي، تبعه افتتاح مصنعي انتاج للصواريخ المحمولة على الكتف المضادة للجو وانتاج الوقود الصلب. وفي آذار/مارس، قام الحرس الثوري بإزاحة الستار عن مدينة صاروخية جديدة وتدشين منظومات صاروخية متطورة من تصنيعه، تبعه إزاحة الستار عن 4 منظومات دفاعية جديدة خلال اليوم الوطني للجيش الايراني، وعن رادار تكتيكي متوسط المدى وجهاز محاكاة بعيد المدى، وعن طائرة حربية مسيرة “غزة” ومنظومة رادارية مطورة باسم “القدس”. هذا واستمرت المناورات، من “فاتحو خيبر” إلى “فدائيو الولاية” إلى مناورات “ذو الفقار 1400″، أما مناورة “الرسول الأعظم” الـ 17 المشتركة فقد اختممت بها طهران العام، إلى جانب انجاز علمي لافت تمثل بإطلاق صاروخ إلى الفضاء يحمل “ثلاث شحنات بحثية”.
استمرت جولات فيينا، تشابهت فيما بينها لجهة “التفاؤل الحذر”، أو لجهة تمسك كل طرف بشروطه، دون الإعلان عن تقدم واضح، في النقاط الأساسية: تقديم الضمانات بعدم تكرار تجربة الانسحاب من “خطّة العمل المشترك الشاملة”، مصير اليورانيوم المخصّب وأجهزة الطرد المركزي الإيرانية المتطوّرة. الجولة السابعة نقلت جرعة لا بأس بها من التفاؤل، إلى الجولة الثامنة (بداية العام الجديد 2022)، حسبما أشاعت الأوساط المتابعة. وفي التفاصيل، فقد أعلنت المصادر القريبة من الوفد الايراني المفاوِض، أن الأخير جاهزٌ للبقاء في فيينا حتى الوصول إلى النتيجة المرجوّة في أقرب فرصة زمنية ممكنة. وبينما أكّد الجانب الإيراني أن “المحادثات تسير في الاتجاه الصحيح”، متحدّثاً عن إمكانية التوصّل إلى اتفاق في “المستقبل المنظور”، أيّد الجانب الروسي وجود “تقدّم” أيضاً، وذهب نظيره الصيني إلى احتمال توقيع اتفاق “قبل شهر شباط”. لكن في مقابل هذا التفاؤل، لا تزال تُسمع أصوات أخرى في فيينا تطالب بتحديد مهل زمنية لإنهاء المحادثات، إذ وبحسب موقع “آكسيوس” الأميركي، فإن توقعات المسؤولين الأميركيين لسير المفاوضات النووية “متدنية”، وأشد ما يخشاه المسؤولون هو “مضي إيران في مسارها الراهن لتطوير برنامجها النووي، ما سيجعل مفاوضات العودة إلى الاتفاق السابق غير مجدية”، حسب زعمهم
في المقابل، عاود الطرف الايراني وضع النقاط على الحروف، راسماً من جديد الخطوط التي تؤطر أي مباحثات، إذ أعلن المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زاده أن “التقدم قد حصل في أربعة مواضيع تشمل مجالات المسائل النووية، ورفع الحظر، والتحقق منه، والضمانات”. غير أنه أكد، في الوقت ذاته، أن “التقدم في مجالات تعهدات الطرف الآخر كان أقل، ولذلك اليوم الكرة في الملعب الأميركي والأطراف الغربية”، معيداً على أسماعهم القاعدة التالية: “الطرف الآخر لا يمكنه أن يطالبنا بتعهدات نووية أكثر من الاتفاق النووي، ولا يمكنه تنفيذ تعهداته أقل من الاتفاق”.
نشر في: المجتمع
أعجبني (5)
جارٍ التحميل...
5