بقلم السيدة أم علاء
والدة الدكتور الشهيد علاء الموسوي
في اليوم العاشر من زواجي توفي زوجي بحادث سيارة وانتهت كل أحلامي في العيش الرغيد والعائلة السعيدة , لكن الله تبارك وتعالى أراد أن يعوضني بأن ... عرض المزيدبقلم السيدة أم علاء
والدة الدكتور الشهيد علاء الموسوي
في اليوم العاشر من زواجي توفي زوجي بحادث سيارة وانتهت كل أحلامي في العيش الرغيد والعائلة السعيدة , لكن الله تبارك وتعالى أراد أن يعوضني بأن رزقني ولداً صار موضع إهتمامي الأول والأخير ورضيت به من الدنيا بأجمعها ورفضت كل من تقدم لي بالزواج وبقيت أعيش على أمل أن أرى ابني الوحيد وهو في أحسن حال وأفضل تعليم , وكان الجميع يرعاه ويحيطونه بعناية خاصة وبالخصوص أعمامه حيث كانوا ينظرون إليه بأنه رائحة المرحوم وبقيته الوحيدة , لذلك كان الكل يحرص على أن ينشأ نشأة صالحة , وفعلاً صار الولد ذا شخصية مهيبة بثقافته وتعلمه حيث تخرج في كلية الطب البصرة عام ١٩٨٥ بدرجة جيد وفوق ذلك كله كان متديناً ومتفقها دينياً وكان ملتزماً بأداء الفروض الدينية بالرغم من كل المضايقات التي تعرض لها من قبل الأمن الجامعي وبعض الأساتذة البعثيين وفي نفس العام الذي تخرج فيه تعيّن طبيباً في المستوصف الطبي في مدينة سوق الشيوخ فانتقلت معه إلى مدينة سوق الشيوخ لأكون بقربه حيث لم اعتد فراقه أبدا وفي يوم من أيام الصيف الحار وبالتحديد يوم ٢ / ٧ / ١٩٨٦ ذهبت إلى المستوصف الطبي لأحمل له طعام الغداء رأيت عاملة التنظيف تبكي بحرقة وهي تسرد لي كيفية مجيء الأمن وكيف القوا القبض على إبني الوحيد الذي أفنيت عمري من اجله وعددت الليالي ليلة ليلة والأيام ساعة ساعة وأنا انتظر تلك اللحظات التي أرى فيها إبني وقد كوّن عائلة وأطفالاً وبيتاً , لم أكن اسمع كلام المنظفة وبكاؤها لأني ذهبت بعيداً عنها حيث مر عليً العمر وكأنه شريطاً سينمائياً تذكّرت فيه كل تفاصيل حياة إبني الوحيد من يوم ولادته إلى ساعة القوا القبض عليه في مستوصف سوق الشيوخ , خرجت من المستوصف مسرعةً ولا أعلم إلى أين أذهب أو إلى من التجئ ؟
لم أكن أعرف أحدا في سوق الشيوخ لأني غريبة عن المدينة وأنا امشي بدون شعور سقطت على وجهي في نهر صغير فأغميً عليً ولم أشعر بشيء حولي إلا بعد يومين إنتبهت على نفسي وأنا في مستشفى الناصرية وبمجرد أن انتبهت قمت مسرعةً إلى أحد الأطباء في مستشفى الناصرية وهو من أصدقاء ولدي وسردت عليه القصة فقال لي : يمكنني أن اعرف القضية الآن من خلال أحد المعارف .
وبعد أربعة ساعات جاء لي الطبيب وأخبرني بأن ولدي هنا في امن الناصرية فقمت وقبلت قدميه بأن يأخذني إلى ولدي فقال الطبيب : لايمكن ألان لأن الوقت قد تأخر ومع هذا سأحاول .
وبعد ساعة تقريباً جاء وأخبرني بأن ضابط الأمن يريد رؤيتك وربما يساعدنا على رؤية ولدك فذهبت مسرعة إلى دائرة الأمن بصحبة الطبيب ( صديق ولدي ) وعندما دخلنا على مدير الأمن صاح بصوت عال على الطبيب بأن يذهب إلى عمله ويترك هذا الموضوع وحذّره من التدخل في المستقبل , فخرج الطبيب الشاب وتركني عند مدير الأمن فتوسلت إليه بأن أرى ولدي وأن يساعدني على فك أسره لأنه إنسان نظيف ولا يجرؤ أن يضر أحداً ونزلت على قدميه وقبلتهما فقال لي إذن اقنعيه بأن يخبرنا عن بعض الأمور وسنتركه لك الآن وفوراً فقلت له خذني اليه وأنا سوف اقنعه , بعدها اخذوني إلى ولدي فرأيت ولدي ملقى على الأرض والد..ماء تسيل من أطراف أصابعه حيث كانوا قد قلعوا أظافر يديه كلها فألقيت بنفسي على ولدي وأنا أصيح ورفعت رأسه ونظرت إلى وجهه فلم اعرفه حتى ان جسمي اقشعر خوفاً من أن يكون الذي في حجري إنسان غريب ومحرم عليّ وبعد أن دققت النظر اليه عرفته حيث كانت عيناه متورمتين وقد اسودتا وشفته السفلى مشقوقة نصفين وقوادم أسنانه قد سقطت جميعها , قمت الطم على وجهي وولدي لايحرك ساكناً قمت أصيح بأعلى صوتي ثم ضممت رأسه إلى صدري وقمت ادندن بترنيمة الـ ( دللول دللول يالولد يبني گوم وردلي ارباي يالولد يبني ) ولم أفلح بأن ينهض ولدي من نومه بعدها سحبني ضابط الأمن واخرجني الى خارج الغرفة ثم أمر بأخراجي الى خارج دائرة الأمن فقام أحد رجال الامن بأيصالي الى كراج الناصرية وانزلني هناك حيث لم يكن في الكراج غير مجموعة من الجنود فطلبت منهم أن يحجزوا لي مكان لأسافر إلى البصرة وأخبرتهم بأني لا أملك أجرة السيارة فدفعوا لي أجرة السيارة ونزلت في ساحة سعد في الساعة الثالثة فجراً فبقيت جالسةً قرب إحدى النساء بائعات الشاي لأني خفت أن استأجر تكسي لأذهب إلى بيت أعمام ولدي إلى أن بزغ النهار ذهبت مشياً , فدخلت عليهم واخبرتهم بالحال ... ومنذ ذلك التاريخ وأنا أنتظر ولدي ... بحثت في كل المقا..بر التي أخبرني الناس عن اكتشافها فلم أفلح بالعثور على وحيدي الذي تركني لأرى رجال الأمن والبعثيين يعاد تعيينهم في الدوائر ويرد لهم إعتبارهم وترضخ الدولة التي تأمّلنا بها خيراً لمطالبهم رغم كل ماأرتكبوه من جرائم ...
منقول