قبسات
في تشرين أول 15, 2022
24 المشاهدات
#الإعجاز_الأخلاقي_في_شخصية_محمّد
(صلّى الله عليه وآله وسلّم)
الإنسان ابن بيئته كما يُقال، فكل ما حوله من مؤثّرات تترك على كيانه بصماتها التي تظهر في سلوكه..
تلك المؤثّرات تشمل محيطه البشري الخاص ابتداءً بالأبوين وباقي أفراد الأسرة، والأهل والأقارب، والجيران... وتتّسع لتشمل كلّ فرد وكلّ عنصر تأثير يتعامل معه الإنسان.
لذلك فإنّ سلوك الإنسان وأخلاقه وعاداته، يُمكن استقراءها من خلال معرفة محيطه، وعوامل التأثير في شخصيّته.
ومن هنا يبرز السؤال الأهم عند قراءة سيرة النبي محمّد (صلّى الله عليه وآله) الذي عاش في البيئة العربيّة القاسية والجافّة، مع ما فيها من بعض مكارم الأخلاق مثل الكرم والشجاعة، إلّا أنّها في الغالب بيئة ميّالة للعنف، وتكريس الفوارق الطبقيّة، والتباهي بالمال والجاه.. مجتمع تشيع فيه الخيانة، ويروج فيه الكذب، حتى يكون الرجل "الصادق الأمين" علامة فارقة، ونموذج فريد..
إنّ التفرّد الأخلاقي لـ "محمّد" الإنسان العربي الذي عاش أجواء تلك البيئة، وتربّى فيها حتى بلغ الأربعين من عمره، هو تفرّد إعجازي يكشف عن بصمات تربويّة لا تنتمي لمحيطه الذي يصوّره لنا التاريخ العربي في تلك الحقبة.
"محمّد" اليتيم؛ الذي عاش في كنف جدّه طفلًا، ثمّ في حِمى عمّه صبيًا وشابًا، كان جميلًا على المستوى الأخلاقي بدرجة رفيعة، حتى صار مضرِب مثلَ قومِه في صدق اللهجة، وأداء الأمانة..
"محمّد" الإنسان.. هو إعجاز أخلاقي حقيقي، إذا ما درسنا -علميًّا- سيرته وسلوكه الإجتماعي بالمقارنة بمحيطه وبيئته، سنلامس يد الغيب التي رعته وربّته واحتضنته.
"محمّد" القائد "الرؤوف الرحيم" هو استثناء غير مفسّر ماديًّا لشكل القيادة القَبلِيّة العربيّة في تلك الحقبة، لذلك كان تأثيره عميقًا في وجدان النّاس من حوله، واستطاع بفترة زمنيّة قصيرة أن يقلب وجه الثقافة الجاهليّة، ويُؤسّس لثقافة أخلاقيّة اسمها "الإسلام".
"محمّد" القائد كان يهتم بأدقّ التفاصيل الأخلاقيّة بصفة مدهشة ومحيّرة فعلًا.. فهو عندما سمع بعض أصحابه يتغنّون بنصرهم في فتح مكّة بقولهم: "اليوم يوم الملحمة، اليوم تُسبى الحُرُمة" لم يمر على تلك الكلمات مرورًا عابرًا، ولم يعتبرها حالة فخر طبيعيّة وبالتالي يمكن التغافل عنها، بل واجهها بالرفض ونهى أصحابه عن قولهم، وأهداهم عبارته الربّانيّة "اليوم يوم المرحمة، اليوم تُصان الحُرُمة".
لقد انتبه أعداء الإسلام لخطورة هذا "الإعجاز الأخلاقي" في شخصيّة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) لأنّ مثل هذا التفرّد الأخلاقي سيخترق قلوب النّاس دون استئذان، وسيتربّع حبّ "محمّد" في أفئدتهم، لذلك غزت "الإسرائيليّات" والروايات المكذوبة تراث الإسلام لتحاول تشويه صورة هذا الإنسان المُعجِز بنفسِه، ولكن هيهات أن يغطّي الغربال عين الشمس.
وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني
                وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ
خُلِقتَ مُبَرَّءًا مِن كُلِّ عَيبٍ
                 كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ
___________________________
#قبسات من 📰 #حسن_الحسيني
القياس: 606 x 1200
حجم الملف: 130.56 Kb
أعجبني (5)
جارٍ التحميل...
5
yakdhom
2
2
تشرين أول 15, 2022