في العاشر من شهر رجب 195هـ
كانت ولادة الإمام التاسع من أئمة أهل البيت عليهم السلام
في ذكراه نتقدم من آبائه الطاهرين وأولاده المنتجبين بأسمى آيات التهنئة والتبريك
وإلى حفيده الإمام المنتظر كل الولاء و... عرض المزيدفي العاشر من شهر رجب 195هـ
كانت ولادة الإمام التاسع من أئمة أهل البيت عليهم السلام
في ذكراه نتقدم من آبائه الطاهرين وأولاده المنتجبين بأسمى آيات التهنئة والتبريك
وإلى حفيده الإمام المنتظر كل الولاء والفداء
شبيه الأنبياء
بقلم رجاء محمد بيطار
مجلة نسيم الجنان، العتبة الرضوية المقدسة، العدد66، رجب الأصب 1440هـ
...أطرقت بحياء شديد وهي ترى إطلالة وجهه المبارك من بعيد، وأدركت ببصيرة شفافة وفطرة نقية، تعوّدت أن تحكم بهما على كل قضية، أنه من أولاد الأنبياء، وأنه هو المنقذ!
... كانت قد سيقت منذ بضعة أيامٍ إلى مكة، حيث البيت الحرام، أمةً في ثلةٍ من إماء أهل النوبة، ولكنها كانت تعلم أن نسبها يرتبط بشريفة النوبيات، أم المؤمنين مارية القبطية، زوج النبي المختار، وقد زادها ذاك حباً في النبي وآله الأطهار، كما لم يمنعها الرقّ من أن تعبد الله حق العبادة، ولا توقفت يوماً، بسبب ضيق أيامها بأحلامها، عن الاستزادة... كانت على يقينٍ من أن الله لن يتركها سدى، فهي متعلّقة به متوكّلة عليه على طول المدى.
ولم يخب فألها، فهو قد رآها، وبدا لها أنه كان ينظر إلى عمق أعماقها وسويداء فؤادها، لا إلى ظاهر إهابها..
وتأكدت ظنونها حينما رأت وكيله ينقد النخاس المال، ثم يستقدمها بكل إعزازٍ وإجلال، لتسلّم على مولاه!
وقبل أن تتساءل عن سبب معاملته، كان عليها أن تستمع لمقالته، وهو يخفض بصره إكباراً لها ويقول:
- هوذا سيدي ومولاي علي بن موسى الرضا، وإني حامل إليكِ سلاماً من سيدي ومولاي الإمام موسى بن جعفر الكاظم.
ترى، أواقع ما تسمعه وتبصره أم رؤيا وخيال؟... ومن هي ليسلّم عليها سادة البشر من آل محمد؟!
ويأتيها الجواب في حديث لاحق، أن النبي المصطفى قال فيها وفي ولدها المقبل:" بأبي ابن خيرة الإماء النوبية الطيبة"، كما قالت فيها سيدة النساء ، تصفها كأمٍ لتاسع الأئمة الهداة:"... وأمه جاريةٌ اسمها سبيكة، وهي سيدةٌ ذات شأن عظيم!"
رباه، هل هي الجنة قد فُتحت لها أبوابها العليا، أم أنها قد وصلت إلى عليين قبل أن تجتاز عالم الدنيا؟!
بلى، ... إنها حقاً في الجنة، وقد انتهى عالم الرق ودخلت عالم العتق، بل هو عالم الرق بالعشق، فأبو الحسن قد أعتقها وأكرمها وشرّفها ببشرى الدنيا والآخرة، وأرادها له زوجة مطهّرةً طاهرة، لتلد له وليده الموعود ذا الطلةِالباهرة، فأيقنت أن النعم قد تدفقت عليها كالسحب الماطرة.
ولم يطل الأمد، حتى حملت سبيكة بخير ولد، وكان لحملها وقعٌ عظيمٌ على معشوق روحها المقيم، فالإمام ينتظر هذا الوليد بشوقٍ قديم، فهو أول غلامٍ له وهو الوحيد.
وتمر شهور الحمل كلمح البصر، فاللحظات الجميلة تطوى كطي الجفون للنظر، فتنساب في رقة ولين، وتترك في القلب أعمق أثر، فكيف إن كانت شهور حملٍ لإمامٍ منتظر، يحدثها بروحه المقدسة المتغلغلة في أنحاء روحها، ويؤنسها بحديثٍ خفيٍّ وسمر، ويسعد فؤادها ويسليها، ويزيدها عشقاً له ولوالده الذي أعطى لحياتها وطهرها وعبادتها أجلى معانيها.
ويقبل رجب الأصب، وتُصب الرحمة على سبيكة الطاهرة فوق ما كانت تصب، ... وتدري أن كل ما مضى، قد كان هلالاً عند بدر مولاها الرضا، فهي بعدما حملت واستتم الحمل وانقضى، أقبل يوم المولد في العاشر من ذاك الموعد، وزفّت الملائكة الطفل المبارك إلى حضن عمته السيدة حكيمة، ليضيء بنور طلّته البهية عتمة ذاك المكان، وليضمه والده بعد لحظات إلى صدره العطوف بحنان، فيسكب في كِلَي أذنيه الطاهرتين الإقامة بعد الأذان.
ويحدّث الإمام أصحابه بحديثه، ممن أقلقهم تأخر إنجابه لوريثه:
- "قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار، وشبيه عيسى بن مريم قدّست أمٌ ولدته، وقد خلقت طاهرةً مطهّرة."
ويحتفي آل البيت بتلك الولادة، وينطق الوليد المبارك بعد أيامٍ ثلاثةٍ بالشهادة، فإذا به شبيه عيسى الذي تكلم في المهد صبيا.
وتكرّ الأيام والسنون، وإذا بالرضا تغتاله يد الدهر الخؤون، ويتسلّم الجواد مهامّ الإمامة وهو لما يجاوز الثامنة، فإذا هو شبيه بيحيى الذي أوتي الحكم صبيا، ويؤتى إعجاز العلم الغزير المستلهم من علم جده المختار، فيحيّر بعلمه العلماء والأحبار، فإذا هو شبيه بموسى فالق البحار، ويقيه الله حديد نمرود زمانه المأمون، فيشابه خليل الرحمان إبراهيم. حتى إذا بلغ الخامسة والعشرين من ربيع شبابه، كاد له المتوكل كما كاد معاوية لعمه المجتبى، فسقاه السم على يد زوجةٍ غادرةٍ فاقدة الحجى.
فسلامٌ عليك يا شباب الأولياء، يوم ولدتَ في بيت الطهروالولاء، ويوم قتلتَ بكف الغدر البتراء، ويوم تبعث حياً لتشكوَ ظلامتك لرب السماء، إذ اغتالوا فيك شبيه الأنبياء.
قصتي المنشورة في مجلة رياض الزهراء العدد (118) عن شهر رجب الأصب❤️متباركين بمولد الامام العاشر❤️
🌹علي بن محمد الهادي النقي🌹
🌷أللهم ارزقنا في الدنيا زيارته
وفي الآخرة شفاعته... عرض المزيدقصتي المنشورة في مجلة رياض الزهراء العدد (118) عن شهر رجب الأصب❤️متباركين بمولد الامام العاشر❤️
🌹علي بن محمد الهادي النقي🌹
🌷أللهم ارزقنا في الدنيا زيارته
وفي الآخرة شفاعته
ولا تحرمنا رحمته ورأفته
يا أرحم الراحمين🌷
العسكري الأول، عالم آل محمد*
بقلم رجاء محمد بيطار
" طأطأ كل شريفٍ لشرفكم، وبخع كل متكبرٍ لطاعتكم، وخضع كل جبارٍ لفضلكم، وذلّ كل شيء لكم، وأشرقت الأرض بنوركم، ..."
حينما تتلفظ شفاه القلب بهذه الكلمات، من الزيارة الجامعة الكبيرة، المروية على لسان مولانا أبي الحسن الثالث، عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام...
حينما تتألق حنايا الوجدان بتلك الحروف المشعشعة بأنوارهم، تطأطئ الرؤوس ويبخع الكبرياء وتخضع النفوس وتذلّ الجوارح، وكيف لا تفعل وقد" أشرقت الأرض بنور آل محمد "؟!
من كلام المعصوم نبدأ، نتتبع حديثه الذي يلي حديث الباري، ونتعلم كيف نحس ونفكر فيه، ذاك التقي النقي، الطاهر علي، أبا الحسن العسكري وجدّ القائم المهدي!
وما نقول في إمامٍ تحدّر من أصلاب الأئمة وأرحام الصدّيقات، أبوه الإمام "محمد الجواد"، وأمه "سمانة المغربية"، ويكفينا في بيان فضلها شهادته فيها بقوله:"أمي عارفة بحقي وهي من أهل الجنة، لا يقربها شيطانٌ مارد، ولا ينالها كيد جبارٍ عنيد، وهي مكلوءة ومحروسة بعين الله التي لا تنام، ولا تختلف عن أمهات الصدّيقين الصالحين."
وكسائر آبائه المعصومين، كان الإمام موفقاً للخير والتقوى مذ ولد في الثاني من رجب في المدينة المنورة عام مئتين واثني عشرة للهجرة، طاهراً مطهّراً مذ فتح عينيه المباركتين على نور الدنيا فشعّ عليهاوفاض علمه وفهمه الملكوتي، حتى كان قيامه بأعباء الإمامة وهو لما يجاوز الثامنة من عمره، إثر استشهاد أبيه بالسم على يد المعتصم العباسي، تلك المصيبة التي انضمت في قلبه اليافع إلى مصائب آبائه، حتى كان أن وصل بطيّ الأرض إلى بغداد ليقوم بتجهيز والده ودفنه، وهو الإمام المفترض الطاعة بعده.
ومضت السنون، ولو لم يرغمه الظالمون على الخروج من مدينة جده، لبقي فيها يعلّم ويقوم، ويشذّب ويهذّب الدين مما لحقه من بدع المنافقين، ... لقد خرج منها خائفاً يترقب، كما خرج قبله أبوه الجواد وجده الرضا.
... ولم يكن كيد الظالمين جديداً، وكما قتل يزيد ريحانة الرسول وسبى ذراريه، فقد حرث المتوكل قبره واضطهد زائريه، وترصد للإمام الهادي وكاد له ببغيه ليرديه!
ولكن "الله متم نوره ولو كره الكافرون"، فإن المتوكل لم يتمكن من إطفاء نور الله رغم أنه حاول جهده، فهو كان تارة يستعرض قوته أمامه، ويأتيه بعسكرٍ جرّار، وإذا بالإمام يسأله:
" وهل أعرض عليك عسكري؟!"
ثم يدعو الله فإذا بين السماء والأرض من المشرق إلى المغرب ملائكة مدججون بالسلاح، ... ويغمى على المتوكل من هول ما يراه!
وهو تارة أخرى يسأله في حادثة المرأة التي ادّعت أنها زينب(ع)، فينكرها الإمام، ويقترح أن ينزلوها للسباع، فإن كانت من ولد فاطمة لم يقربوها، فيجد المتوكل الفرصة سانحة ليوقع به، ويطلب منه النزول! فلا يتأخر حتى يفعل، وما إن يجلس بين الأسود حتى تصير إليه وترمي بأنفسها بين يديه، فيمسح على رؤوسها، ... ويبهت الذي كفر!
وكذا كانت كل حفرة تُحفر للإمام تكون فخاً لشانئيه، بل وقبراً لهم.
ولكن ذلك لم يمنعهم أن يلزموه بالإقامة الجبرية في ناحية عسكر بسامراء، علّهم يدفنون بذلك ذكره، فما زادوه إلا علواً وانتشارا، وغدت من بعده نسبة له ومزارا.
فلما أعياهم أمره، كان لا بد لهم ليستكملوا سبيلهم إلى قعر جهنم، من أن يدسوا له السم كما دسوه لآبائه، وكانت شهادته صلوات الله عليه، على يد " المعتز" بالإثم والعدوان، في الثالث من رجب ، سنة مئتين وأربعة وخمسين للهجرة، تاركاً خلفه القلوب المنفطرة لرحيله، ملتحقاً بآبائه الطاهرين، الذين جعلهم المولى هم "الصراط الأقوم، وشهداء دار الفناء، وشفعاء دار البقاء"، فصلى عليهم وسلم تسليما.
• المصادر: منتهى الآمال، للشيخ عباس القمي
• الزيارة الجامعة الكبيرة، مفاتيح الجنان
قناة على تلكرام
يتم فيها نشر هذا الكتاب(وغيره) بشكل حلقات متسلسلة
#سألتك_عن_الحسين
#الكاتبة_رجاء_بيطار
Telegram: Contact @yawmeyat_tefla_min_karblaa
You can view and join @yawmeyat_tefla_min_karblaa right away.